كيف عرفت الله من القرآن؟ ...
بعد أن
تناولنا بتفصيل قضية "الوجود بين الوحدة والثنائية" في الأجزاء الثلاثة
السابقة، ووقفنا على ما أثارته هذه النظرية من خلاف حاد بين الفكر السلفي الظاهري
والفكر الصوفي الباطني وصل حد التراشق بالتكفير، بقي أن نشير باقتضاب إلى فئة
ثالثة تناولت هذا الموضوع سواء في المجال الميتافيزيقي أو المجال المعرفي، ويتعلق
الأمر بالفلاسفة. واللافت للنظر أن هذه الفئة من المفكرين وإن كانوا يبنون
مقولاتهم على أساس من برهان، فلا يقبلون ما لا يقاس بالاستقراء العقلي، وما لا
يدرك بالاستدلال المنطقي، إلا أنهم عند الحديث عن الله يتحولون إمّا إلى مؤمنين
إيمان تسليم استنادا إلى ما قاله الصوفية عن الكائن الأعظم بسبب عجز العقل عن
إدراكه، وهو ما جعل ديكارت يقول "إن حقيقة وجود الله عندي أوثق من المعادلات الرياضية"، أو إلى ملحدين ماديين منكرين ومكابرين يعتبرون أن الطبيعة هي أصل الوجود وعلّة كل موجود.../...