(أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ)
- النحل: 1 -
ثالثا: من حيث القول بتعارض العلم المسبق مع مبدأ العدل الإلهي:
يشار في هذا الصدد إلى أن علم الكلام القديم بين المعتزلة والأشاعرة وإن كانت لبعض جوانبه فوائد تصبّ في خانة تطوّر الأفكار وتراكم المعرفة، إلاّ انه بالنتيجة لم ينجح أي من الفريقين المتناظرين في حسم الصراع انتصارا لوجهة نظر موضوعيّة حول مبدأ الجبر وحرّية الاختيار وعلاقتهما بمبدأ العلم المسبق والعدل الإلهي، وذلك بسبب أن كل فريق كان ينطلق من فرضيّة معيّنة ويحاول البحث لها عمّا يدعمها من كتاب الله، لكن المعضلة الحقيقية التي واجهت الفريقين كانت في عدم تمكّن أيّ منهما من التّمييز بين ما هو محكم وما هو متشابه إلا فيما نذر، ليس بسبب صعوبة ذلك وأن كان احتمالا واردا، بل بغرض التأويل المتحيّز الذي يخدم الأهداف السياسيّة لكل فريق، بعد أن اتّخذ كل منهما من جبّة الدين وسيلة لخدمة مصالحه الدنيويّة على حساب الحقيقة الموضوعية كما يشهد بذلك التاريخ.../...