بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

مفهـــوم الشريعـــة (3/2)

 


بين شرع الله وشريعة الفقهاء

الشريعة من منظور الفقهاء 
لا يتفق فقهاء القشور مع المنظور القرآني للشريعة كما عرضناه في الجزء الأول من هذا المبحث، لأنهم يعتبرون أن القرآن ناقص لا يتضمن كل ما تحتاجه الأمة من أحكام، برغم قوله تعالى أن القرآن لم يفرط في شيء وأنه تبيان لكل شيء. لذلك، أسسوا ما أصبح يعرف بـ "أصول التشريع"، حيث أضافوا للقرآن أصلا ثانيا سمّوه "سنة"، فظل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يتحدث على لسان الفقهاء لعشرات السنين بعد وفاته، وحين لم تسعفهم سنته، أضافوا إليها سنة الخلفاء والتابعين، ثم تبيّن لهم أن لا مناص من الاجتهاد بالرأي الذي تحوّل إلى أصل ثالث من أصول التشريع، فتفرقت الأمة إلى مذاهب ومدارس وتيارات وطوائف بزعم أن الاختلاف في الاجتهاد رحمة.../...

والسؤال الذي يطرح نفسه بالمناسبة هو: - هل كان الاختلاف في الدين بين المسلمين حقا رحمة؟

لأنه إذا كانت النتائج رهينة بمقدماتها، فإن قرونا من ممارسة المسلمين لدينهم وفق شريعة الفقهاء لم تنتج إلا الجهل والعبودية والتخلف والكدارة، بسبب اختزال الدين في معتقلات المذاهب، وتجريده من بعده الروحي الذي يحلق بالمؤمن في فضاءات نور المعرفة والجمال، واستبداله بشريعة بعيدة كل البعد عن المقاصد العليا التي يهدف الدين لتحقيقها، ما حال بين المسلمين وقرآنهم، وحرمهم من إنتاج كنوز من المعاني الجميلة والجديدة. ومعنى ذلك أن امتداد القرآن وانفتاحه على معاني لا تنتهي، لا يمكن أن يكون من خلال اللغة ومدلولاتها، بل من خلال ما يعطيه وحي الآيات في العقول والقلوب من معاني متجددة على الدوام كلّما انفتح الإنسان على فضاءات شاسعة تظل بحاجة لمن يكتشفها من خلال السباحة في أعماق الأعماق التي يُعبّر عنها بالباطن. وهي تشبه إلى حد بعيد السباحة في أعماق البحر حيث يكتشف الإنسان عوالم رائعة من الجمال، بخلاف من يسبح فوق الماء فلا يرى سوى زبد الأمواج.

ويذكر التاريخ الإسلامي في عصر النبوة، أن المؤمنين الأوائل فهموا أن التنزيل يتضمن الشريعة والحقيقة والطريقة، وأن طاعة الرسول مرتبطة أساسا بطاعته في الوحي الذي أُنزل عليه، فكانوا كلما أجابهم عن تساؤلاتهم فيما يستجد عليهم من أمور، إلا وسألوه إن كان ما يقوله وحي من عند الله أم رأي خاص به، فحسم الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر بالتفرقة بين الوحي والرأي من خلال قوله المأثور: (أنتم أدرى بشؤون دنياكم)، وهو المبدأ الذي تجاهله الفقهاء بالمطلق، فوضعوا للناس شريعة مشبوهة، هي عبارة عن خليط من شرع الله وعادات العرب وتقاليد اليهود.

وفي هذا السياق يقول نصر حامد أبو زيد في (النص، السلطة، الحقيقة – الفكر الديني بين إرادة المعرفة وإرادة الهيمنة – ص:١٧): "يجب أن نفهم أن أقوال الرسول الخاصة بوجوب اتباع سنته، بأن المقصود بها أقواله وأفعاله الشارحة والمبينة لما ورد مجملا في تعاليم القرآن. وما سوى ذلك من الأقوال والأفعال يجب أن يندرج في سياق الوجود الاجتماعي للشخص التاريخي، بمعنى أنها أقوال وأفعال غير ملزمة للمسلم في العصور التالية. هذه التفرقة بين (سنة الوحي) و (سنة العادات)، كانت تمثل نقطة الخلاف بين أهل الرأي وأهل الحديث من الفقهاء، حيث أصرّ الفريق الأول على التمييز بينهما، بينما أصر الفريق الثاني على التوحيد بينهما. ولأن السيادة الفكرية والعقلية حسمت لصالح أهل الحديث بفضل جهود الإمام الشافعي (ت: ٢٠٥ هـ)، فقد تم توسيع مفهوم السنة ليشمل الأقوال وكلها، والأفعال كلها، بالإضافة إلى الموافقات (الصريحة والضمنية) على أنماط السلوك والممارسات الحياتية في عصر النبوة".

والمقصود بالسيادة الفكرية والعقلية هنا، انتصار تحالف رجال الدين والإقطاع على المخالفين لهذا التوجه، فكان من نتيجة ذلك أن تحولت أحسن أمة أخرجت للناس إلى أسوء أمة منبوذة في العالمين، بحكم أن الأمة لا تزال تعيش تجربة النص الذي ينتمي إلى التراث، وأصبح للماضي وجودا مستمرا في الحاضر بكل تفاصيله، ما دامت الأمة تصر على استحضار الماضي وفق الصورة التي رسمها الفقهاء في زمانهم.

وقد رأينا كيف تحوّل الدين إلى عملة تستخدم في سوق النخاسة السياسية، لإنتاج الذل، والخنوع، والتبعية، وعصابات إجرامية مشبعة بثقافة الحقد والكراهية والتكفير والإقصاء والذبح على الهوية.. وسيفاجأ من اتبعوا لصوص الدين واستبدلوا دين الله بدين الكهنوت، بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم يعلن على الأشهاد براءته منهم يوم القيامة، حين سيسأله ربه عن الحال الذي آلت إليه أمته من بعده، فيقول: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) الفرقان: ٣٠. وواضح أن مسؤولية هذا الوضع يتحملها الفقهاء تحديدا، إلا من رحم الله.

لأنه إذا كان الفقهاء، لشرعنة هيمنتهم على الدين واحتكارهم لمجال المعنى وإصدار الفتوى، قد استندوا إلى حديث أنس بن مالك الذي أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١ / ١٨٥)، وابن الجوزي (١ / ٢٦٣) في الموضوعات، وغيرهما كثير مما تشير إليهم المصادر، ومفاده: أن (العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان ويدخلوا الدنيا)، وبغض النظر عن إنكار أبو حاتم لمضمونه في العلل (٢ / ١٣٧)، وتضعيفه من قبل البعض كمحمد بن معاوية وغيره، فإن ما يعطيه المعنى واضح لا يحتاج للبحث في صحة سنده ما دام يتساوق من حيث المضمون مع ما يؤكد عليه القرآن الكريم في أكثر من آية وسياق في شأن العلماء الذين يكتمون الحق وينبذون كتاب الله وراء ظهورهم يشترون بآياته ثمنا قليلا، ومن يأمرون الناس بالطاعة والبر وينسون أنفسهم. بل حتى أولئك الذين يقولون "إن للمجتهد إذا أخطأ حسنة"، لا يدركون أن خطأ عالم قد يكون كارثة على الأمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أخاف على أمتي زلة عالم وجدال منافق في القرآن)، رواه السني وأبو نعيم في كتاب (الرياضة).

وهذا يعني، أن الاجتهاد يجب أن يكون اجتهادا جماعيا مؤسّسيّا تتولاه أمة من المسلمين من مختلف الاختصاصات العلمية، لا اجتهاد الآحاد من الفقهاء الذين يعتمدون على آليات اللغة لتقعيد المعنى، وذلك لتجنب الزيغ والخطأ وعدم ربط الفتوى بمصالح الإقطاع، وهذا هو المعنى الحرفي لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمعت أمتي على ضلال). وقد رأينا أنه وبسبب افتراق الأمة إلى طوائف ومذاهب، أصبح كل فقيه يحسّن أو يضعّف الحديث وفق انتمائه، ومن منطلق موقعه في السلطة القائمة، وهذا هو عين العبث.

وإذا كان القرآن هو الميزان الحق الذي نزن به صحة الحقائق الدينية الكلية أو الجزئية من عدمها، فهناك آية غاية في الروعة والوضوح تحسم الجدل في هذا المجال، حيث يقول تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) آل عمران: ١٠٤.

وقطعا لم يقصد الله تعالى بقوله هذا الفقهاء، لأن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يمكن أن يوكل لأفراد مهما بلغ علمهم حتى لا تعم الفوضى بسبب اختلاف الآراء والمصالح والتوجهات، ولا يمكن أن يوكل لتحالف رجال الدين والإقطاع، بل لمؤسسة عُلمائية مستقلة على مستوى العالم الإسلامي تكون بمثابة أمة كما ورد في الآية، أي جمع كبير من العلماء الربانيين والباحثين الموضوعيين من مختلف التخصصات كما سبق القول، بما يخدم الهدف من إقامة أحسن أمة أخرجت للناس، وهذا الهدف لا يمكن أن يتحقق بالمذاهب التي فرقت الأمة، بل بالوحدة التي دعا إليها الله تعالى في ذات السياق من خلال تبيانه للغاية من أمره (ولتكن منكم أمة) بقوله: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم). وبالتالي، فما نهى عنه تعالى هو الذي حصل بالضبط.

لأن الحقيقة كما يشهد بها واقع الأمة اليوم تقول، أن التفرقة هي التي انتصرت على الوحدة، وأن الاختلاف في الدين الذي حذر منه تعالى بشدة هو الذي وقع، فرأينا كيف أصبح رجال الدين يخدمون مصلحة الإقطاع بدل مصلحة الأمة، وكيف تحوّل الدين إلى سوق للإتجار بالفتوى، فكثر أصحاب العمائم واللحى كما تتكاثر الجرذان في المجارير، ففتحت أبواب الجحيم على الجميع حين فقد الإنسان حريته وسلطته على النص الذي وضعه تعالى بين يديه وأمره بقراءته وتدبره، ومنع الوساطة بينه وبين عباده، لحرمان الكهنوت من فرصة الانبعاث مرة أخرى بعد الذي حصل مع الرسالات السابقة.

وما الفتن التي أركست فيها الأمة وما نتج عنها من صراعات وحروب وويلات ومآسي، إلا نتيجة طبيعية لتخلي المسلمين عن هذا المبدأ القرآني العظيم، والسماح لفقهاء جهلة بتولي شؤون الدين (إلا من رحم الله حتى لا نعمم)، فشوهوا العقيدة وهدموا الأخلاق وأفرغوا الإسلام من جوهره الروحي والإنساني، باسم سنة تقوم على مخالفة سنة من وصفه الله تعالى بأنه على خلق عظيم، فحولوا الإسلام من دين أخلاق ومحبة وتسامح إلى دين كراهية وتكفير وذبح على الهوية باسم الله الرحمن الرحيم، حتى أصبحنا نسمع من يصف الإسلام بالإرهاب والفاشية.. وهي نتيجة طبيعية للجهل المقدس حين يلبس جبة العلم وليس له من العلم إلا التسمية، حيث تولّى تجار الدين إعادة صياغة العقيدة وغسل أدمغة الناس، فحولوهم إلى مخلوقات بغيضة تقتات على قاذورات الكراهية والعنف والتطرف.

لأن مشكلة جهل رجال الدين، وفق المعنى الذي ذهب إليه الصادق النيهوم، "أنه نوع من العلم، يستند على نوع من المنطق. إنه ليس ظاهرة بريئة، تنجم عن نقص في حجم المعلومات، بل ظاهرة مسؤولة، تنطلق من معرفة يقينية، وتتميز بالقدرة على تسخير جميع أنواع الأسلحة، لفرض حلولها بنجاح في معركة لها هدف صاعق واحد، هو أن ينتصر الباطل على الحق بأي وسيلة، وبأي ثمن. لهذا السبب يلزم التمييز الواضح، بين معنى الجهل ومعنى الأمية" (الصادق النيهوم - الإسلام في الأسر – وجهان ومواطن واحد – ص: ١٦٣).   

نقول هذا، لأن ما نجح فيه الفقهاء ضدا في تعاليم السماء، هو تحويل الإسلام من دين للعالمين إلى دين خاص بطائفة سماها معاوية بن أبي سفيان بـ "أهل السنة والجماعة"، وبذلك تم تعطيل مبدأ الشورى، وضرب مبدأ الشرع الجماعي، وتم الإجهاز على مبدأ الوحدة الدينية بين أبناء الأمة الواحدة بعد ذلك باسم "الاختلاف رحمة"، حتى طال الاختلاف كل شيء من الفروع إلى الأصول، وكان العدل أول ضحية على مذبح السياسة، لأن تحقيق العدل لا يكون من دون مشاركة الناس في إدارة شؤونهم السياسية والدينية معا، بحكم مسؤولية التكليف الفردية الملقاة على عاتق كل فرد في المجتمع (كل نفس بما كسبت رهينة) المدثر: ٣٨، سواء لاختيار من يحكمه وفق مبدأ الشورى القرآني الذي جعله الله فرضا على كل مسلم عاقل لاقترانه بفريضة الصلاة في قوله تعالى: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم) الشورى: ٣٨.. أو لإنزال شرعه منزلة التنفيذ بموجب فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تقام إلا بالشرع الجماعي كما سبقت الإشارة، حيث تتحول النصيحة إلى أداة للتقويم، والمساءلة إلى أداة للرقابة، والمحاسبة إلى أداة لضبط المخالفات وفرض العقوبات على قدر المسؤولية، يتساوى في ذلك الحاكم مع أصغر مسؤول في الرعية. وهي فريضة لا يقوم الإيمان إلا بها، لقوله تعالى بصيغة الجمع: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله) التوبة: ٧١، فجعل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كفريضة الصلاة والزكاة يقيمها مجتمع المؤمنين والمؤمنات الذين يطيعون الله ورسوله فيما بلغه عن ربه ويرجون رحمته.

ومعلوم أنه بسبب إقامة هذه الفريضة العظيمة زمن الرسالة، وصف الله تعالى الأمة بأنها كانت أحسن أمة أخرجت للناس (آل عمران: ١١٠)، وبالتالي، فتحولها اليوم إلى أسوء أمة في العالمين، جاء نتيجة طبيعية لتخليها عن طاعة الله ورسوله فيما أمر أمة المؤمنين به، فكثر الظلم والفساد، وعم الجهل والفقر، وساد التخلف والانحطاط، فعاد نظام حكم الملك الإله الذي كان سائدا زمن فرعون باسم "السنة" التي ابتدعها سلف لم يكن كله صالحا، فتحول فقهاء السلاطين إلى كهنة، حين رفضوا مبدأ الشرع الجماعي، ووصموا القرآن بالنقصان ضدا في صريح الآيات التي تقول بعكس ذلك.. وحين أعياهم الكلام باسم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، لجأوا إلى الاجتهاد، فحوّلوا الحاكم بأمره إلى إله حين أصبغوا عليه هالة من القداسة، ووضعوه خارج قيد المساءلة، وأعفوه من قاعدة المحاسبة، انطلاقا من قاعدتين أساسيتين:

-       الأولى، تتعلق بالجبر ونسبته إلى الله تعالى باعتباره هو خالق أفعال العباد، وهي القاعدة التي قال بها معاوية بن أبي سفيان مؤسس تيار "أهل السنة والجماعة"، لتعطيل مبدأ المساءلة والمحاسبة الذي كان قد أقره الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه بقوله يوم توليه: (أيها الناس، قد وُلّيت أمركم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني)، وبذلك، أصبح الحاكم مسؤولا أمام الله فقط لا أمام عباده.

-       الثانية، تتعلق بالقهر، وهي القاعدة التي وضعها الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومفادها: "أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".. فضاع القرآن وضاع الإنسان، وأصبح المسلمون يساسون كالخراف، ويأخذون دينهم بالوراثة والإتباع بدل التدبر والاقتناع.

ويذكر التاريخ، أنه ومن رحم الصراع على السلطة، ظهرت المذاهب، وتطورت في المقابل تيارات معارضة اتخذت من الفلسفة سلاحا عقليا لمواجهة هذا المسعى، فظهرت مدرسة المتكلمين زمن المعتزلة، ثم خرجت منها مدرسة الأشاعرة التي حاولت التوفيق بين تيار أهل النقل والبيان من جهة، وأهل العقل والبرهان من جهة ثانية، لكن دون نتيجة تذكر بسبب تشبث كل فريق بمقولاته التي يعتبرها عين الحقيقة وما سواها كفر وضلال، فانضم الأشاعرة إلى أهل السنة والجماعة في وقوفهم ضد المعتزلة.

وقد كان لموضوع العدل مكانة خاصة في الجدل الفكري الذي دار بين المعتزلة والأشاعرة، وصنف كأصل خامس من أصول الدين، لما يهدف إليه من تطبيق عملي لمبادئ العدالة والحرية والسلوك الاجتماعي. والعدالة عند المعتزلة لا تنحصر في تجنب الأذى والظلم اللذين يصيبان الفرد، بل أيضا عمل الجماعة كلها في سبيل خلق جو من المساواة والانسجام الاجتماعي. إذ بفضل ذلك يتسنى لكل فرد أن يحقق كل مواهبه ويفرز كل طاقاته، وبذلك، يكون تحقيق العدالة الإلهية وحرية الإنسان منوط بمبدأ العمل الأخلاقي الاجتماعي (تاريخ الفلسفة – هنري كوربان – ص: ١٧٦ -١٧٩)، وهو ما يعطي للشرع الجماعي قيمته ومعناه على حساب شريعة الفقهاء التي أفرزت نظام حكم الفرد المطلق في المجتمعات المسماة بـ "السنيّة".

وتجذر الإشارة إلى أن المعتزلة، وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع بعض مقولاتهم الدينية، إلا أن التاريخ يسجل لهم أن رؤيتهم للشريعة كانت تختلف عن رؤية أهل السنة والجماعة، ففي حين كان المعتزلة يطالبون بتطبيق الشريعة الإلهية الهادفة إلى إقامة العدل والمساوات بين الناس، ويدافعون عن مبدأ الوحدة بين المسلمين بغض النظر عن أعراقهم، كان الفريق الخصم يصر على تطبيق شريعة فقهاء بني أمية، ويعتبر غير العرب من الموالي، ويصم المعتزلة بالشعوبية والكفر والزندقة والوصولية. ومرد ذلك، يعود لكون المعتزلة كانوا متمسكين بمبدأ حرية الاختيار الذي ينطوي على بعد موضوعي يتمثل في مسؤولية الإنسان عن أفعاله، وبعد سياسي مؤداه، الحض على محاربة السلطة المغتصبة من قبل الحاكم البشري، وبالتالي، رفض مبدأ الجبر الذي قال به معاوية، لأن الحكم وفق المعتزلة لا يكون بقضاء الله، ما دام الله لا يُعيّن إماما ولا يولي حاكما، بل جعل الأمر شورى بين المسلمين بنص القرآن الكريم، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم سبق وأن أكد هذه الحقيقة بقوله (كيفما تكونوا يُولّى عليكم). وبالتالي، فما نعيشه اليوم هو ما نستحقه بالضبط، وما ربك بظلام للعباد.

واغتصاب الحاكم للسلطة وفق المعتزلة، يحتم على المسلمين النضال لتغييره وفق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودفع المنكر لإقرار الحق لا يكون إلا بالقوة في حال رفض الحاكم الظالم الامتثال بالتي هي أحسن، وهو ما قابله أهل السنة والجماعة بالتحريم ولزوم طاعة الحاكم حتى لو كان ظالما فاسقا فاسدا ما دام لم يصدر عنه كفر بواح، متجاهلين أن أمر الله بوجوب طاعة أولى الأمر جاء في الآية ٥٩ من سورة النساء (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) مشروطا بما ورد في الآية التي سبقتها (٥٨ من نفس السورة) لقوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، وبالتالي، فإذا خان الحاكم أمانة التكليف ولم يحقق للناس العدل فلا طاعة له ولا من يحزنون.

وإذا كان الخوارج يرون ضرورة الثورة واستخدام السيف ضد الحاكم الجائر دون مواربة، فإن الشيعة وبخلاف تطرّف الخوارج واعتدال المعتزلة، قصّروا هذا الحق على الإمام فقط الذي له الحق في إبداء النصح والاحتجاج السلمي دون التحريض على رفع السلاح في وجه الحاكم الجائر لتجنيب الأتباع التهلكة، وللإمام وحده دون سواه أن يعلن الثورة عند غلبة الظن بنجاحها، وهو ما رأيناه مجسدا في الثورة الخمينية ضد الشاه عام ١٩٩٩. وهذا يعني وجوب التفريق الوظيفي بين الإمام والحاكم، بين الديني والدنيوي، لأن دور الإمام الديني هو أسمى من دور الحاكم السياسي، لما يقتضيه من مسؤولية مراقبة الحاكم كي لا تحيد عن تعاليم الدين في السياسة ولا عن أخلاق الرسول الكريم في المعاملة.

لذلك، وبسبب هزيمتهم السياسية والعسكرية إبان الفتنة الكبرى، وما أصابهم من "القدرية" و"الغليانية" حين ثاروا في ظروف غير مواتية فحصدتهم سيوف بنو أمية.. حفظ الشيعة دروس التاريخ، فانبروا بعيدا عن الفقه وإشكالاته، حيث تفرغ كبار علمائهم لتطوير "علم القلوب" أو "الفلسفة النبوية"، الأمر الذي أعطى للإسلام الشيعي بعده العقلي والروحي المميّز، فأنتج كوكبة من العلماء العظام على امتداد التاريخ الإسلامي، ورأينا كيف أنهم حملوا مشعل التنوير في كل مجالات العلوم والمعرفة إلى العالم الغربي زمن الأندلس، فأخرجوا أوروبا من ظلمات التخلف إلى أنوار الحضارة.

وإذا كان العالم السني قد فشل فشلا ذريعا في اللحاق بركب الحضارة والتحول من أمة مستهلكة ومفعول بها وفيها إلى أمة منتجة وفاعلة، فإن التيار الشيعي في إيران بعد الثورة الخمينية سنة ١٩٧٩، نجح أيّما نجاح في تطوير فكره الديني الثوري والسياسي العقلاني معا من خلال تطوير نظام حكم ديمقراطي مراقب من قبل مؤسسة الإمام، وهو ما ساعده، وبعد تاريخ طويل مع المعاناة والإقصاء في ظل الخلافة السنية، على تأسيس دولة محورية قوية بعقيدة راسخة وطموحات حضارية عالمية، خصوصا بعد أن حقق الإيرانيون الاكتفاء الذاتي في كل مجالات الإنتاج الحيوية بتشجيع من الدولة التي فجرت الطاقات في مجال العلوم، أخذا بأسباب القوة، فسجلوا في ظرف وجيز من الزمن  (أقل من أربعة عقود)  قفزة علمية مدهشة في المجالات التي ظلت حكرا على الغرب ومحرمة على المسلمين لقرون من الزمن، الأمر الذي مكنهم من الحفاظ على استقلاليتهم وحرية قرارهم السيادي، هذا في الوقت الذي تحولت فيه الأنظمة العربية القمعية إلى وكلاء للغرب الاستعماري، متخلية بذلك عن مسؤولياتها في إطار قيمها القومية والدينية، فظلت شعوبها تعيش على هامش الحضارة بلا دور ولا سيادة ولا كرامة.

غير أنه لا بد من الوقوف هنا عند ملاحظة غاية في الأهمية، بسبب ما افرزته التفرقة في الدين من بيئة صدامية، استثمر فيها أعداء الأمة لزرع الفتنة بين السنة والشيعة، خصوصا حين قرر بعض فقهاء التيار الشيعي تحويله إلى مذهب خامس في الإسلام، فأفقدوه بذلك تلك الروحية التي اكتسبها من المعاني الباطنية للوحي، والعقلانية التي اكتسبها من الفلسفة النبوية، ما أدى إلى جذع التشيّع كما كان معروفا زمن حيدر أملي، وملا صدرا الشيرازي، والمدرسة الشيخية، حيث ظل الشيعة متمسكين بالتعاليم الروحية أكثر من تشبتهم بظاهر الشريعة (تاريخ الفلسفة – هنري كوربان – ص: ٦٩).

ومع أن الأقلية الشيعية التي حاولت اختزال هذا التيار الروحي في شرنقة المذهب، حرصت على أن تنتج منظومة فكرية تجمع بين الظاهر والباطن، ومنظومة تشريعية تستند على العقل في التعاطي مع القرآن، ولا تقبل بحديث نبوي إلا إذا كان مرويا عن الإمام علي أو أحد أفراد آل البيت عليهم السلام أو كبار الأئمة، باعتبارهم ثقات والأقرب إلى النبي من سواهم من المحدثين.. إلا أن مذهبهم قوبل بالرفض من قبل فقهاء السنة والجماعة لعقود طويلة، بسبب اتهامهم للشيعة بالخوض في الأمور "الفلسفية" و"الباطنية"، ولم يتم الاعتراف بالمذهب الشيعي الجعفري كمذهب خامس في الإسلام إلا سنة ١٣٧٨هـ / ١٩٥٩م، حيث أجاز شيخ الأزهر محمود شلتوت في فتوى نسبت له (وهو أحد المؤسسين لدار التقريب بين المذاهب في الأزهر)، التعبد بالمذهب الشيعي الجعفري باعتباره مذهبا إسلاميا خامسا، مثله كمثل المذاهب السنية الأربعة. وهذا لعمري كان خطأ سقط فيه الشيعةـ لأن قوة تيار ديني لا تتمثل في منظومته الفقهية، بل الفكرية على وجه الخصوص.

ويذكر التاريخ الإسلامي أن محاولة الشيعة احتواء الخلافة وترشيدها زمن العباسيين قد أعطت أكلها بحيث اعتنق الخليفة المأمون العباسي آراءهم، بعد أن أدرك الفجوة القائمة بين العقل الفقهي الظاهري والعقل العلمي الإبداعي، فأمر بترجمة كتب اليونان لوضع حد لطغيان ثقافة الفقهاء والمحدثين وسيطرتهم على عقول المسلمين، وهو ما دفع بفقهاء السنة إلى شن حملة شعواء على الفلسفة للتحذير منها، لأنها في اعتقادهم تؤدي إلى الشرك وإلى تفكك المجتمع الإسلامي، فأفتوا بتحريمها بعد أن أدركوا أن الطروحات العقلانية والأخلاقية والإنسانية التي تنتجها الفلسفة ستؤدي حتما إلى انهيار المنظومة الفقهية برمتها، بسبب معارضة الفلسفة للتقليد ودعوتها الصريحة إلى إعمال العقل بدل النقل في التعامل مع النص الديني.

وإذا كان من نتائج تحريم الفلسفة من قبل تحالف فقهاء السنة والإقطاع، أن أُركست الأمة في الجهل والتخلف والانحطاط، فمرد ذلك يعود لعدم إدراكها أن الفلسفة الدينية ليست علما قائما بذاته بقدر ما هي مجموعة أدوات عقلية ومنهجية للفهم العقلاني للنصوص. وبالتالي، فلا قيمة للفلسفة الدينية من غير الدين نفسه، لأنها تابعة له وليست مستقلة عنه أو مهيمنة عليه، ما دام همها الأساس هو طرح الأسئلة التي تستنطق النص الصامت للوصول إلى الحقيقة، وهذا يعني، أن من لا يؤمن بوجود باطن للشريعة ويحرم البحث فيه، لا يمكنه إلا أن يكون عدوا للحقيقة، لأن لا معنى لنص ديني إلا في الحقيقة التي يتضمنها، والتي تمثل البعد الروحي للوحي الإلهي، خصوصا وأن الحق تعالى يقول: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) الحديد: ٣.

فلو كان للنص المقدس ظاهر فقط دون باطن كما يزعم الفقهاء، لتحول إلى نص تاريخي مغلق لا يصلح لكل مكان وزمان كما أشرنا إلى ذلك في أكثر من مناسبة، لكن الحقيقة شيء آخر، إذ تؤكد تجارب التعاطي مع النص، أن مراحل إدراك القرآن الكريم تتفاوت بتفاوت جوانب الحقيقة وآثارها، وكلما تدبر الإنسان آياته بعمق، كلما ظهرت له معاني جديدة ارتفع بها مستوى فهمه وإدراكه ومعرفته، ولهذا قال تعالى (ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) يوسف: ٢١، ومفاد ذلك، أن الولوج إلى باطن الحقيقة يتم من ظاهر النص عبر آلية التأويل التي يفتح بها الله تعالى الفهم على من يشاء ويطبع على قلب من يشاء، وبذلك لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.

وفي هذا الصدد، يشير بعض الباحثين الإسلاميين كمحمد أركون وقبله الإمام الأنباري، أن معضلة المسلمين تكمن في منهج فقهاء الظاهر بالتحديد، لأنه ولأسباب سياسية أكثر منها دينية، اختزلوا الدين في الشريعة، هذا فيما لا تمثل آيات التشريع سوى أقل من ٥ في المائة من آيات القرآن الكريم، في حين أهملوا الاهتمام ببقية العلوم القرآنية، وعلى رأسها الطبيعة والإنسان والسنن الإلهية في الكون والخلق والتاريخ، ما أنتج مجتمعا من "المؤمنين الجُهّال" كما وصفهم الإمام الأنباري والإمام الحيثمي، نظرا لأن الغالبية العظمى من سواد الأمة تأخذ دينها بالوراثة بدل القناعة.

لكن المفارقة في المقابل، تكمن في أن ما أنتجته الأمة من علوم رياضية وطبيعية واعتبارية نقلت أوروبا المسيحية من عصر ظلمات الجهل إلى عصر أنوار المعرفة، كان بفضل علماء شيعة من أصل فارسي.. ما يؤكد أن المشكلة لا تكمن في العقل الإسلامي بقدر ما يتعلق الأمر بدغمائية المنظومة الفكرية السنية التي تُدجّن العقل، وتُكفّر التفكير، وتضع قيودا صارمة على التحرر والإبداع باسم شريعة ابتدعها الفقهاء وسموها "شريعة إسلامية"، لإيهام الناس أنها تمثل شرع الله، فيما أنها لا تعدو كونها خلطة كيميائية هجينة لسرقة الدين وسلب حرية وإرادة المسلمين.

ومرد ذلك وفق ما خلص إليه الصادق النيهوم في كتاب (إسلام ضد الإسلام – إقامة العدل أم إقامة الشعائر؟ – ص: ٢٥ – ٢٦)، يعود لمخالفة أربعة مبادئ جوهرية في مفهوم الدين منذ نشأته، حيث تمثل هذه المبادئ فطرة الله وصبغته وسنته في خلقه:

-       المبدأ الأول: إن الدين سابق على قيام المؤسسة الفقهية ونزول الكتب المقدسة نفسها لقوله تعالى: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون) آل عمران: ٦٥. وهو سؤال استنكاري مهمته أن يعلن أن الإنسان عرف الله قبل أن يعرفه الفقهاء.

-       المبدأ الثاني: إن الدين ليس فقها، بل شريعة تحرم الخلاف الفقهي من أساسه، كما في قوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) البقرة: ١٣. وإذا كانت التفرقة قد وقعت، فذلك أمر مرده إلى تغييب هذه الوصية بالذات.

-       المبدأ الثالث: إن الهداية لا تتحقق بالانتماء إلى مؤسسة فقهية، بل تتحقق – فقط – برفض الانتماء، كما في قوله تعالى: (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) البقرة: ١٣٥. وهو رد مهمته أن يقرر، أن وصاية الفقه على الدين، ليست في الدين من شيء.

-       المبدأ الرابع: إن (الحنيف) أي (اللامنتمي) الذي يعتبره الفقهاء وثنيا، ويأملون أن يحترق في نار جهنم، هو بالذات، المؤمن الصالح صاحب الدين القيم والصراط المستقيم. كما في قوله تعالى: (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) الأنعام: ١٦١. وهي شهادة ربما لا تطابق مواصفات المؤمن عند أهل الفقه، لكنها تأتي من الذي بيده مفاتيح الجنة والنار معا.

وبسبب هيمنة الفقه على الدين وتغييب إرادة الناس لصالح إرادة الإقطاع، ضاع الدين وضاع الإنسان وذهب ريح الأمة التي أسسها رسول الله الكريم.

فكيف حصل ذلك؟ ...

حصل ذلك في منتصف القرن الثاني للهجرة كما هو معلوم، بعد أن اتسع نطاق البلاد الإسلامية، واختلط العرب بغيرهم من الأجناس، فكثرت الحوادث وتعقدت المسائل بسبب تنوع مسالك الحياة واشتباكها، وفي غياب إرادة سياسية لإنشاء مؤسسة إسلامية مرجعية تعنى بالشرع الجماعي تحقيقا لوحدة الأمة، انبرى كل فقيه يجتهد في الدين برأيه أو نقلا عن غيره، فانتشرت الفتاوى بدون ضوابط، إلى أن وضع الإمام الشافعي (١٥٠ – ٢٠٤هـ) كتابه الشهير "الرسالة"، والذي ضمنه قواعد ما أصبح يعرف باسم "أصول التشريع"، تكلم فيه عن بيان القرآن وبيان السنة للقرآن، والبيان بالاجتهاد أي بالقياس.

وبذلك، حد الإمام الشافعي من مجال العقل في مجال التشريع، ولم يترك له من فسحة سوى القياس المقيد بحدود النص، رافضا مبدأ الاستحسان الذي أقره أبو حنيفة النعمان (ت: ١٥٠ هـ)، بدعوى أنه نوع من التشريع الذي لا يجوز إلا من الله ورسوله، وبالتالي، لا يعد من مجال الاجتهاد (نصر حامد أبو زيد – الإمام الشافعي وتأسيس الإيديولوجية الوسطية – دار سيناء – القاهرة ١٩٩٢م – "إيديولوجية الدين الشمولي").

وبتأييد أبو الحسن الأشعري لمقاربة الإمام الشافعي في مجال "النقل"، تمت معارضة مبدأ المعتزلة في تحسين الحكم وتقبيحه انطلاقا من سلطة العقل، فانتصرت بذلك سلطة البيان على سلطة البرهان في الثقافة الإسلامية.
   
هذا علما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفسر القرآن كما زعم الفقهاء، بل فقط بيّن بعض أوجه ما استشكل منه على من سأله في حينه، وما كان له أن يفعل، لأنه لو فعل، لأصبح القرآن نصا مغلقا غير صالح لكل زمان ومكان، ولما وصلنا اليوم هذا العدد الكبير من التفاسير الفقهية التي تزخر بها المكتبات العربية حد التخمة، وتتضمن كما هائلا من العجائبي والغرائبي والمعاني الشاذة التي لا يقرها عقل ولا يطمئن لها قلب، كما أنها في مجملها تكرار واجترار لنفس المعاني المأخوذة من الخلف عن السلف، مع بعض الفروق البسيطة التي تكاد لا تميّز تفسير عن آخر.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق