بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 سبتمبر 2018

كلمـــة الناشـــر



إســـلام مهاجـــر




الإسلام جواد مهاجر.. قادم من أزلية الوجود لينقلنا من حاضرنا الفاني إلى أبدية الخلود..  

واهم من يعتقد أن بمقدوره توطين الإسلام في عالمه السفلي وإخضاعه لدوران أفلاكه، فالأفلاك كما يقول ابن عربي لا تزال دائرة بمن فيها لا تسكن، ولو سكنت لبطل الكون ولم يعد للمهاجر من زاد، لأن الزاد للمهاجر فقط.../...

المهاجر ليس بمقيم ولا ثابت بل مجرد عابر سبيل زائر، وزاد عبوره التقوى التي تعني العطاء في صمت إلى أن يبلغ الإنسان حقيقة ذاته بعد المرور فوق جسور الأوهام التي تعترض رحلة حياته..

واهم من  يعتقد من رعاة السوء أن بمقدوره حجب نور الشمس ليسرق من الناس النهار.. فالليل مهما طال لا بد وأن يشرق فجر جديد يرى فيه الناس رحمة الله..

اسأل القرآن عن الذي كان مع الذين ظلموا.. قصصهم تحولت إلى أساطير، وديارهم أطلال، ومن بقايا جذران قصورهم اتخذت الطيور مساكن..

اسأل التاريخ عن الذين امتطوا جواد الإسلام ودقوا طبول الحرب، كيف اغتيلت الأوطان وسالت الدماء أنهار، فحل الدمار وساد الخراب ومات كل الفرسان، لكن الجواد المهاجر كما كان لا يزال مسافر..

مجنون من يحن إلى هذا الماضي، وملتبس من يعتقد أن الخلاص يكمن في إعادة إحياء سنة الأجداد المثخنة بالكدارة وبالجراح..

حاول الإقطاع تدجين هذا الجواد المهاجر، فجندوا له الفقهاء، منهم من حاصره في معتقل المذهب، ومنهم من حبسه في سجن الدولة، ومنهم من وضعه في شرنقة الحزب، لكن الجواد المسافر كان دائما يتمرد، يكسر الأغلال، يحطم الأبواب، وينط فوق الأسوار، ليمضي في سبيله تاركا ورائه معالم طريق الخلاص لمن يفقه قراءة الآثار..

الدرس يقول إن الله جمال ومحبة وفي العشق يكمن السّر، ورحلة الإنسان لن تصل إلى مداها إذا لم تتزوّد بالمحبة، ليعرج بها العاشق من العالم الأسفل إلى الملأ الأعلى.. أما إذا اختار الجهل فقدره أن يشقى، أن يعيش حقيرا مهانا بلا كرامة أبد الدهر..

كل معرفة لا تحمل هذا السر لا نفع فيها ولا يُعوّل عليها.. كل معرفة لا يقبلها العقل ويطمئن لها القلب لا قيمة لها.. المعرفة الحقيقية هي تلك التي تتحول من فهم وإدراك إلى إحساس، ينقل المهاجر بسرعة الضوء إلى عوالم النور حيث تتعرّف الروح على ذاتها وتكتشف النفس سر ماهية الوجود، فتعيش السعادة الأبدية راضية مرضية..

وتلك هي الجنة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق