بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 سبتمبر 2018

مناهــــــج التفسير المعاصرة


"كل نظرية ابستيمولوجية (معرفية) لا بد وأن تمايز بين الشيىء و العلم بالشيىء" (عبد الكريم سروش - نظرية بشرية المعرفة).

إذا طبقنا هذه النظرية العلمية المستقات من قانون النسبية، والتي تقول بوجوب مراعات الفرق بين الحقيقة الدينية الإلهية في إطلاقها والفهم البشري النسبي لها، فسنخلص حتما إلى نتيجة مفادها: أنه إذا كانت هناك شريعة خالصة فهي عند الشارع الذي هو الله تعالى، وكل فهم بشري للشريعة، وإن كان ممنهجا ومقنّنا، يظل فهما نسبيا يتجدد عبر التاريخ، لأن دين كل إنسان هو فهمه للشريعة على ضوء الحوادث التي تفرضها متغيرات الواقع.../...


مع انتقال السلطة تحت مسمى "الخلافة الإسلامية" إلى الدولة العثمانية واحتلالها العسكري لأنحاء واسعة من قارات العالم القديم الثلاثة (أوروبا - آسيا – أفريقيا)، دخل العالم العربي في مرحلة طويلة من الجمود في ظل الفساد والاستبداد السلطاني، فانتشر الجهل والتخلف، ونشطت بالمقابل الزوايا الصوفية التي اعتبرها المؤرخون مظهرا من مظاهر الانحطاط بسبب انشغال الناس عن الدنيا بطلب الآخرة خوفا من بطش الولاة الذين كانوا يتربصون الدوائر بكل معارضة سياسية تتخذ من الدين سلاحا للتمرد، ولعل الشمعة الفريدة التي أوقدت في ظلمة الليل العثماني الطويل جاءت مع قرب فجر انقضائه على يد الكاتب الشجاع عبد الرحمن الكواكبي الذي ألف كتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، فأبدع في وصف داء الأمة الذي سماه بـ"الاستبداد السياسي"، واعتبره أقبح أنواع الظلم لأنه يسرق من الناس حريتهم ويستعبدهم ويحيي الجهل ويقتل العلم ويصيب العقل بالعقم.

وكان الكواكبي يقول أن الله خلق الإنسان حرّا، قائده العقل، فكفر بنعمة ربه حين أبى إلا أن يكون عبدًا قائده الجهل، ويرى أن المستبد فرد عاجز، لا حول له ولا قوة إلا بأعوانه الظلمة أعداء العدل وأنصار الجور، وأن تراكم الثروات المفرطة في يد الحكام هو المولد الأساس للاستبداد، والمضر بأخلاق الأفراد، والمسبب الرئيس لتفكك المجتمعات. وأن الاستبداد أصل لكل فساد، وأن الدواء لهذا الداء العضال يكمن في الشورى الدستورية بمفهومها القرآني الواسع، مشيرا إلى المعنى الوارد في سورة الشورى لاقترانها بفريضة الصلاة، بحيث لا تستثني أحدا من المشاركة في إبداء الرأي واتخاذ القرار.

ثم جاءت مرحلة الاستعمار الغربي لتجد الإنسان العربي مهيأ بما لديه من قابلية نفسية للاستعمار والاستعباد وفق ما خلص إليه الباحث مالك بن نبي، فبدأت مرحلة جديدة من بواكر التمرد الثقافي الذي قاده قلة من المتنورين المتأثرين بالثقافة الغربية في القرن التاسع عشر واستمر خلال القرن العشرين، وكان لاحتكاك المثقف العربي مع الثقافة الأوروبية تأثيرا بارزا في الجهد الذي بدل في ما أصبح يعرف بحركة تجديد الفهم الديني من خلال إعادة قراءة التراث بمناهج علمية جديدة، فظهرت بوادر التجديد الأولى مع أحمد خان ومحمد إقبال ومحمد عبده وجمال الدين الأفغاني ورفاعة الطهطاوي وسيد قطب ومن سار على دربهم من المتأثرين بتجربتهم، محاولين تطوير مقاربات جديدة في التفسير على شاكلة تفسير "المنار" لمحمد عبده و"في ظلال القرآن" لسيد قطب، وإن كان عمل قطب لا يعتبر تفسيرا بقدر ما هو خواطر جامحة على ضفاف القرآن، وهو عبارة عن رؤية وجدانية متطرفة لا  تزال الأمة تدفع ثمنها بالدم والدموع واللحم الحي إلى يومنا هذا، خصوصا بعد كتابه "معالم في الطريق" الذي أعدم بسببه وأصبح كتابا ممنوعا في عديد من الدول العربية.

ونستثني هنا ما عرف بحركات الإصلاح الديني التي ظهرت في "السعودية" زمن محمد بن عبد الوهاب لما أنتجته من فكر وهابي متطرف بمساعدة الاستعمار البريطاني، نقلا عن المدرسة الظاهرية في الإسلام ممثلة بابن حنبل وابن تيمية والمودودي والألباني، وكذلك ما قام به مؤسس جماعة "الإخوان المسلمون" حسن البنا في مصر بدعم من المخابرات البريطانية، وقد حاول عبثا تبرئة ساحة الجماعة من الإرهاب من خلال القول في من اغتالوا المستشار الخازندار: "هؤلاء ليسوا بإخوان وليسوا مسلمين". فكلا المدرستين الوهابية والإخوانية رفعتا شعار تجديد الدين من خلال إصلاح العقيدة بعد أن تحوّلت المجتمعات إلى جاهلية متمسكة بمظاهر الشرك.

والشواهد التاريخية التي تكشف عن حقيقة ارتباط المدرسة الوهابية والمدرسة الإخوانية بالاستعمار البريطاني وتدين له بالولاء أكثر من أن يسعها المقام. ونكتفي هنا بالإشارة إلى مذكرات المسمى مستر همفر (Hempher) الجاسوس البريطاني في الشرق الأوسط في القرن الثامن عشر، الذي اعترف فيها بدوره في إيجاد وتكوين حركة إسلامية محافظة تحت مسمى "الوهابية" نسبة لمؤسسها محمد بن عبد الوهاب الذي تم تجنيده في العراق ليتزعم حركة التصحيح الدينية في شبه الجزيرة العربية، وذلك كجزء من المؤامرة لتخريب العالم الإسلامي وتفتيت شعوبه وتقسيمها إلى دويلات ضعيفة تابعة تدين بالولاء لبريطانيا بدل الله ورسوله وأمة المؤمنين.

ويذكر همفر أنه دخل إلى الشرق الأوسط بمعية ٥.٠٠٠ جاسوس بريطاني بهدف تفجير الخلافة العثمانية وتخريب عقيدة المسلمين وإضعاف لحمتهم وتشويه سمعة الإسلام، وقد تضاعف هذا العدد ليصبح ١٠٠.٠٠٠ جاسوس مع نهاية القرن الثامن عشر، ونجحوا بالفعل فيما جاؤوا لتنفيذه، حيث اعتبر عملهم هذا مقدمة مهدت لاتفاقية التقسيم المعروفة بـ "سايكس وبيكو" المشؤومة فيما بعد.

يقول همفر في مذكراته: "عندما تتحطم وحدة المسلمين ويتوقف التعاون والتعاطف الموجود بينهم، فإن قواهم وقوتهم سوف تنحل ويمكننا بسهولة تدميرهم (...) ونحن الإنجليز يجب أن نحرض على الانقسام في جميع مستعمراتنا كي نتمكن من العيش في رفاهية وسلام." وكانت البوابة الأساس التي دخل منها هؤلاء الجواسيس باعتراف همفر هي "الأخلاق"، لأنه بإضعاف الأخلاق عن طريق الترويج لشرب الكحول وإشاعة الرذيلة في المجتمع سينشب صراع داخلي بين المسلمين يؤدي إلى الفوضى، ومن ثم يأتي دور الحركة الوهابية لإعادة المجتمع في شبه الجزيرة العربية إلى الأخلاق الإسلامية، ما سيكسبها المصداقية وتنال دعم الغالبية العظمى من الناس كونها تدافع عن نقاوة الإسلام وطهره. وهذا ما تحقق بالضبط، حيث تحول الإسلام إلى حالة من البؤس الشديد التي لن يستطيع النهوض بعدها وفق المخطط الذي اعترف به الجاسوس البريطاني في مذكراته.

أما حركة الإخوان المسلمين، فالشواهد على عمالتها للاستعمار البريطاني كثيرة، نكتفي هنا بالإشارة إلى رسالة نادرة لمنظرهم الأبرز سيد قطب، والتي يعترف فيها جهارا نهارا بماسونيته وماسونية التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وهو التيار السياسي الذي يعد بمثابة الطابور الخامس المسخر لتدمير الاسلام والمجتمعات العربية. فقد نشرت جريدة ” التاج المصري” التي كانت تصدر في أربعينيات القرن الماضي والمحسوبةً على الماسونية في مصر مقالا بقلم سيد قطب وصورته بعنوان: لماذا صرت ماسونيا  جاء فيه:

"كثيرا ما تمر على المرء سويعات يحلو له فيها أن يخلو إلى نفسه، إما مسترسلا في الذكرى أو تائها في بيداء الفكر، ﻻ يكاد يبدأ من ناحية ما حتى ينتهي إلى أخرى، وهكذا دواليك يظل متجوﻻ بفكره بين جنبات الماضي، متطلعا إلى ميادين المستقبل – فإما حسرة وأسى على ما ولى وانقضى، وإما ابتسامة رضى وقنوع بما فات وانصرم – ويلتقي هذا وذاك مع نظرة إلى المستقبل الغامض فيها أمل ورجاء لكن دون إسراف أو مبالغة.

كان ذلك منذ أيام حين تجاذبتني هذه العوامل وغمرتني لجة تلك اﻷحاسيس فكان أول سؤال قفز أمام عيني، وتجسم حتى طغى على من دونه – ذلك السؤال هو "لماذا صرت ماسونيا”. حاولت من هذا السؤال خلاصا بل من هذا اﻷمر فكاكا – إذ لست ابن بجدتها ولست فارس ذلك الميدان – ولكن ذهبت محاوﻻتي أدراج الرياح فتوقفت لحظة بل لحظات حتى نسيت نفسي ونسيت أن هناك إجابة معلقة عليّ أن أؤديها – ثم لم ألبث حتى عجبت من أمر نفسي وساءلتها لم هذه الحيرة وهذا التردد؟ فأجابتني السؤال سهل وميسور والجواب من القلب للقلب. فعرفت عندئذ أني صرت ماسونيا ﻷنني أحسست أن الماسونية بلسما لجراح اﻹنسانية. طرقت أبواب الماسونية ﻷغذي الروح الظمأى بالمزيد من الفلسفة والحكمة، وﻷقتبس من النور شعلة بل شعلات تضيء لي طريق الحياة المظلم، وﻷستمد قوة أحطم بها ما في الطريق من عراقيل وأشواك. ثم لكي أكون مجاهدا مع المجاهدين وعاملا مع العاملين.

لقد صرت ماسونيا – ﻷنني كنت ماسونيا – ولكن في حاجة إلى صقل وتهذيب – فاخترت هذا الطريق السوي، ﻷترك ليد البناية الحرة مهمة التهذيب والصقل – فنعمت اليد ونعم البنائين اﻷحرار.

عرفت أن الماسونية ليست مبدأ أو مذهب يعتنق، وإنما هي الرجولة واﻹنسانية التي تدفع باﻹنسان إلى عمل الخير دون وازع إﻻ وازع من وجدانه وضميره، هي روح عالية نبيلة تسمو باﻹنسان عن الصغائر وتنزهه عن الترهات والسفاسف – هي المثل اﻷعلى لكل من ينشد كماﻻ أو يبغي رفعة ومجدا – هي الفضيلة التي تنطوي على أسمى المعاني وأشرف المقاصد وأنبلها – هي مبدأ الكمال ومنتهاه.

ليس الماسوني من أجريت له المراسيم بذلك واكتسب هذه الصفة في هذا الطريق – وإنما الماسوني من يعمل ولكن في صمت دون ضجة أو إعلان – هو من يفتح قلبه للجميع يتساوى لديه في ذلك الصغير والكبير، هو من يواسي ذلك الذي تجهم له الدهر وعبس، ويمد يده لمن تنكب له الزمان وقسا – هو من يذرف الدمع على البؤس
والبؤساء ويبكي على اﻷشقياء والشقاء – هو من يعمل الواجب ﻷنه واجب – والخير لدواعي الخير – دون أن يبغي من وراء ذلك جزاء أو يطمح لنيل مطمح – هو من ليس له حق وإنما عليه واجب.

الماسونية هي الوحدة التي تجمع بين مختلف اﻷديان وﻻ تعرف للتحزب معنى، ولن تجد لكلمة التعصب مكانا في شرعها، هي التعويذة السحرية التي تؤلف بين القلوب جميعها في أقصى الشرق أو أدنى الغرب – هي المكان الوحيد الذي يستطيع فيه الجميع – الصغير منهم والكبير أن يتصافحوا مصافحة اﻷخ ﻷخيه – ويجلسوا جنبا إلى جنب -
دون نظر إلى فارق اجتماعي او مركز أدبي – وﻻ غرو في ذلك إذ أن
دعائمها وأسسها مشيدة على الحرية واﻹخاء والمساواة – فما أعظمها دعائم وما أقواها من أسس وما ابذلها من مبادئ.

وأخيرا لقد اطمأن قلبي بعض الشيء، وهدأت نفسي عن ذي قبل، وارتاح ضميري – ولكنني ما زلت أشعر ﻷني ما زلت المقصر المذنب في حق أنبل وأسمى مبدأ إنساني واجتماعي – ولكن عذري في ذلك واضح ملموس غذ ما زلت في مبدأ الطريق وساترك للأيام واﻷيام وحدها أن تحقق أمنيتي فأنعم بأداء الواجب كاملا غير منقوص – ولعلي أكون بهذا قد أرضيت نفسي، فعرفت لماذا صرت ماسونيا؟ ".

والحقيقة أن الذي يقرأ المقال يخال له أن سيد قطب استبدل عقيدة الإسلام بعقيدة الماسونية لما وجد فيها من مبادئ إنسانية سامية أشعرته بالرضا عن نفسه في كنفها بدل كنف الله، وكأن الإسلام خال من هذه المبادئ التي اكتشفها فجأة في الماسونية. والمفارقة أن هذه المبادئ الماسونية التي اعتنقها لم تغير أفكاره وسلوكه ليتحول إلى إنسان يقدس الحرية ويحترم إخوانه في الإنسانية ويعاملهم بمحبة ومساواة كما زعم، بل راح يكفر المجتمع ويدعو إلى العنف والارهاب سبيلا وحيدا للتغيير من خلال عديد مؤلفاته، ما يؤكد أن الماسونية ايتعملته كمعول للهدم لاستبدال إيمان الناس من الإيمان بالله إلى الإيمان بالماسونية.

وليس خافيا اليوم ما قامت به هاتين الحركتين الأداتين (الوهابية والإخوان) من جرائم في حق الإسلام والمسلمين خدمة لأهداف الإستعمار الغربي، من تخريب للعالم العربي والإسلامي تحت راية الولاء لبريطانيا ثم انتقل هذا الولاء بعد انهيار الإمبراطورية البريطانية إلى الولاء لأمريكا، حيث نجحت هذه الأخيرة في توحيد الوهابية والإخوان تحت مسمى "القاعدة" (بن لادن وهابي والظواهري إخواني)، لمحاربة الشيوعية في أفغانستان، ثم لتدمير العالم العربي من خلال تفريخ الجماعات التكفيرية التي تناسلت من رحمهما كداعش والنصرة وغيرها في العراق وسورية ولبنان بل ومختلف البلدان العربية والإسلامية.

والدلائل التاريخية أكثر من يسعها هذا المقام، وتدل بما لا يدع مجالا للشك على خيانة آل سعود لله ورسوله والأمة، منذ أن تعهد هذا النظام الدموي المفلس للأمريكي بتدمير الإسلام من قواعده بعد أن فشلت العلمانية في ذلك من خلال النخب، فكانت "القاعدة"، وكيف أن آل سعود سلموا فلسطين لليهود "المساكين" وحرّموا معاداتهم أو محاربتهم لأنهم أبناء عمومة. وأصبح بالتالي دورهم بل وشرط بقائهم في الحكم هو حماية "إسرائيل" والدفاع عن وجودها وبقائها بكل الوسائل والسبل، خصوصا من خلال وأد أية محاولة لتوحيد صفوف العرب والمسلمين. وقد حاربوا جمال عبد الناصر للقضاء على العروبة وحاربوا الإسلام وشوهوا سمعة المسلمين في العالمين بعد ذلك لكي يُنفّروا العالم من هذا الدين الذي تحول في الوعي الجمعي الغربي اليوم إلى دين كراهية وعنف وإرهاب، وأصبح العدو بالتالي هو إيران وحركات المقاومة الإسلامية التي تحارب "إسرائيل" في المنطقة، والحليف هو الكيان الصهيوني المجرم وأمريكا. فتحولت قبلة أعراب الزيت من بيت الله بمكة إلى البيت الأبيض بأمريكا، وتحولت "إسرائيل" إلى بوابة إجبارية لكل من يرغب من الحكام العرب والمسلمين في دعم واشنطن له وتأمين الحماية لنظامه، وكل من يرفض ذلك تنشر الفوضى في بلاده وتدمر مؤسساته ويمزق مجتمعه إلى أن يتم الإطاحة برأسه.

ومن يدرس أدبيات هاذين التيارين، سيخلص حتما إلى أن هدفهما لم يكن دينيا لوجه الله بقدر ما كان سياسيا بامتياز، وأن خطابهم كان خطابا شعبويا، وشعاراتهم كانت شعارات رنّانة لا تعني ما تقول مثل "السلفية التوحيدية" التي قامت بحد السيف بالنسبة للوهابية، ومحاولة تنزيل شعار "الإسلام هو الحل" واقعا على الأرض بالعنف والإرهاب بالنسبة للإخوان، وغفلوا الجوهر الذي لا يتوافق مع هدفهم المشبوه ويكشف ولائهم للأجنبي ونفاقهم واستغلالهم للدين في السياسة.

وليس أدل على ذلك من شعار "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، الذي رفعته جماعة الإخوان متوعدة "إسرائيل" بالزوال، لكن ما أن انفجرت ثورات الربيع العربي حتى ركبتها لتستحوذ على السلطة بمساعدة واشنطن والمخابرات الأطلسية، وحين فشلت في ذلك بسبب الثورات المضادة، حوّلت هذه الحركة ما أعدت له من سلاح إلى صدور المسلمين، متآمرة بذلك مع قوى الشر الصهيو – أطلسية التي لا تزال تسعى لتمزيق الأوطان وتفتيت المجتمعات بالفتن الطائفية والمذهبية لطمس الهوية العربية والإسلامية وخلق شروط حروب دينية لا تبقي ولا تذر لعشرات السنين، على غرار ما وقع في أوروبا وانتهى بانتصار العلمانية واستبعاد الدين عن الدولة، تنفيذا لمخطط  نذّر له بحماسة  ثعلب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر.

وقد رأينا كيف أن كبيرهم الشيخ القرضاوي، وبعد أن أفتى بتدمير ليبيا وقال أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو بعث اليوم فينا لانضم لحملة الناتو ضد الديكتاتور القذافي، وطالب أمريكا بالوقوف وقفة لوجه الله لتدمير سورية وإسقاط نظامها بعد أن فشل الإرهاب الوهابي والإخواني في ذلك بفعل تصدي محور المقاومة لهذا السرطان الخبيث الذي أراد له الغرب أن يكون "إسلاما ضد الإسلام" أو "ضدّا نوعيّا" يفضي لتقاتل أصحاب الدين الواحد فيذبح بعضهم بعضا لتسعد "إسرائيل".

وخلاصة القول، أن هذه الجماعات التكفيرية المسماة بالإسلامية، استغلت الدين في السياسة بعد أن أدركت أن أقصر طريق للوصول إلى السلطة هو ارتداء جبة الدين لتضليل أمة المسلمين الجهّال بتعبير الإمام الأنباري والإمام الحيتمي، ولا يهم أن تتحالف في سبيل ذلك مع الرجعيات العربية أو مع أعداء الأمة، المهم أن تتولى السلطة في العالم العربي حتى لو أدى ذلك إلى سفك الدماء وتدمير الأوطان وتفتيت المجتمعات، فهي لا تؤمن بوطن ولا قومية ولا قيمة للإنسان من خارج معتقلها الإديولوجي. وهو الأمر الذي  دفع بعديد المثقفين العلمانية لانتهاج الفرصة والمطالبة بإعادة النظر في المنظومة السنية برمتها باعتبارها المسؤولة عن الكوارث التي حلت بالأمة، مع ضرورة فصل الدين عن السياسة، وهي المعركة الفكرية التي لا تزال قائمة في الساحة العربية إلى اليوم، وستظل مفتوحة إلى أن يفعل الله أمرا كان مقدورا.

وفي ما له علاقة بالمناهج المعاصرة التي ظهرت مع هذه الانتكاسة، فيشار في هذا الصدد إلى أنه ومنذ منتصف ستينيات القرن الماضي، عرفت الحركة الإسلامية ظهور مناهج جديدة وافدة لم تعهدها الثقافة العربية والإسلامية من قبل، فانتقل التفسير من الاشتغال على القرآن كمنظومة كاملة إلى الاهتمام بعناوين ومواضيع محددة ترتبط بواقع الأمة الظرفي، وهذا النوع من التفسير عرف بـ"التفسير الموضوعي" الذي يربط بين الواقع والخطاب القرآني في محاولة لإخضاع الأخير لشروطه، من منطلق أن وحدة الأفكار والموضوعات التي يقدمها الخطاب القرآني أو الوحدة العضوية حسب ما ذهب إليه محمد عبد الله دراز، أو الوحدة البنائية حسب ما قال به طه جابر العلواني، فتفرعت عن هذا المنهج الجديد اتجاهات ثلاثة:

·       الأول: يعنى بدراسة دلالة المصطلحات والمفردات القرآنية في حدود معانيها، وهو ما لا يمكن اعتباره تفسيرا موضوعيا لأنه لا يعطي صورة كاملة عن الموضوع الذي يسعى الباحث لدراسته، ناهيك عن أن المعنى الاصطلاحي لا يتوافق دائما مع المعنى القرآني بسبب تغير الدلالة اللغوية من زمان إلى آخر، كما أن اللغة العربية لم تعد لغة الأمة بعد أن تم استبدالها باللهجات المحلية في الوطن العربي.

·       الثاني: يعتمد التفسير على أساس وحدة الموضوع الواحد الذي تطرحه السورة القرآنية، والموضوع هنا يحدده الباحث من خلال الاستقراء الإنتقائي ليبني عليه خلاصاته التي تنطلق عادة من مواقف وقناعات مسبقة، بالرغم من أن السورة قد تتضمن أكثر من موضوع لا يتوافق والتحديد الذي اختاره المفسر، وقد يفاجأ الدارس لهذا النوع من التفاسير بمعاني مكملة قد وردت في سور أخرى حول نفس الموضوع لم يأخذ بها الباحث لأنه تقيد بالنظرة التجزيئية للمعنى  في إطار السورة الذي يشتغل عليها، وغفل الربط الموضوعي بينها وبين الحقائق القرآنية ذات العلاقة الواردة في النص القرآني ككل، والتي تشكل مرجعا إلزاميا لكل تفسير موضوعي يأخذ بالرؤية الشمولية بدل التجزيئية.

·       الثالث: يعتمد دراسة الموضوعات على ضوء ما ورد بشأنها في القرآن ككل وليس السورة فحسب، أخذا بالاعتبار الترابط القائم بينها، ومعضلة هذا النوع من التفسير أنه انتقائي لا يستطيع تحديد الموضوعات التي طرحها القرآن كلها، ما يجعله مقيدا بما يرغب الباحث بدراسته، لكن إغفال الرابط القائم بين مختلف الموضوعات يفقد هذا المنهج الموضوعية التي يزعمها، لأن آيات القرآن علامات يهتدي بها الإنسان إلى نور المعرفة، مثلها كمثل النجوم في الليلة الظلماء (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) النحل: ١٦، إن لم يعرف الإنسان كيف يفكك رموز العلامات ويحسن تحديد مواقع النجوم ومساراتها، فسيتيه في ظلمة ليل الصحراء القاحلة، ولن يستطيع الخروج منها باتجاه واضح يوصله إلى بر الأمان المتمثل في معرفة الحقيقة التي هي غاية كل مؤمن من تدبر الكلام الإلهي.

وبالتوازي مع هذا الخط الجديد انتشرت ظاهرة التفسير في المشرق والمغرب العربي، وخصوصا في العراق ومصر والأردن والمغرب، لكن من دون أن تنجح هذه المحاولات في بلورة منهج علمي تطبيقي، يساعد على فهم القرآن الكريم بشكل واضح يقبله العقل ويطمئن له القلب، فتعرضت هذه المقاربات لانتقادات كثيرة، لأن ما اهتم به الباحثون أصحاب هذا المنهج هو وحدة الأفكار التي يتناولها القرآن الكريم بناءا وموضوعا، ومنهم من ركز على دراسة الدلالة اللغوية من داخل القرآن نفسه وفي حدود ما تعطيه معانيه استنادا إلى قواعد علم اللسانيات.

وبالرغم من بعض إيجابيات هذه المقاربة المفاهيمية الأخيرة، إلا أنها لا تعتبر من الناحية العلمية تفسيرا موضوعيا، وهو ما دفع بالبعض للتركيز على تفسير القرآن بالقرآن انطلاقا من المفردات التي تتشكل منها الآيات، معتبرين أن لكل آية موضوع مستقل أو مكمل لهدف يخدمه، وأن معنى المفردة سيظهر واضحا جليا في سياق الآيات التي وردت فيها بما يخدم الهدف العام الذي تتبناه السورة، متناسين أن القرآن لم ينزل على شاكلة سور بمواضيع محددة وأهداف معينة مستقلة بذاتها، بل نزل مُنجّما (مفرّقا) آيات آيات، وبجمعه تداخل المكي في المدني فلم يعد لأسباب النزول من سلطة على تقييد الآية وتحديد معانيها بالمناسبة التي نزلت فيها، لأن النص يقرأ قرآنا لا فرقانا وتفهم الآيات من عموم اللفظ لا من خصوص السبب، فينتقل بذلك المعنى من الخاص إلى العام، ومن الظرفي الزمني إلى المطلق اللاتاريخي.

ولعل أبرز ما كشفته هذه المقاربة، يتمثل في أن التعامل مع تفسير القرآن بشكل مجرد انطلاقا من أدوات اللغة كما فعل الأقدمون لا يخدم المعنى الحقيقي الذي أراده المتكلم من خطابه، بل يغيره جذريا لغير صالح الحقيقة الدينية، وبذلك كسر جدار المنع الذي أقامته السلطات السياسية والمؤسسات الفقهية ليظل إنتاج المعنى حكرا على الفقهاء ومن اختصاصهم الحصري دون سواهم، فظهرت حركة فكرية نشطة ساهم فيها العديد من العلماء والأكاديميين والباحثين والمثقفين والكتاب المستقلين، كل يتعاطى مع النص المقدس وفق مستواه والأدوات التي يعتقد أنها تساعد على فهمه، الأمر الذي أزاح رداء القداسة عن التراث، وكسر احتكار المؤسسات الرسمية الدينية والسياسية للخطاب الديني الذي تحول إلى خطاب يستغل ضدها ويكشف عن تناقضاتها، فنزع عنها الشرعية الدينية والسياسية معا.

والحقيقة، أن منهج تفسير القرآن بالقرآن لا يعتبر ظاهرة جديدة، بل قديمة قدم التنزيل، لكنها لم تحظى باهتمام الفقهاء زمن التفسير لأسباب اختلط فيها الديني بالسياسي كما أسلفنا. لأن ما حصل هو أن القرآن حين هيمن على اللغة العربية أخضعها لبنيته وديناميكيته الخاصة بإنتاج المعنى، وسواء فهل المفسرون الأوائل هذه الحقيقة أن أن الأمر حصل بمحض الصدفة، فإنهم وضعوا منهجا يخضع المعنى لديناميكيتهم الخاصة، فانتهى بهم الأمر إلى انتاج تفاسير مغلقة، بمعاني متضاربة لا تتفق بالضرورة مع المراد من الخطاب القرآني.

غير أن الأمر لم يقتصر على المفسرين السنة الذين انتقدنا منهجهم، بل حتى فقهاء الشيعة خرجوا على قاعدتهم المنهجية التي تقول: "إذا ما عرفنا أن التفسير هو الكشف عن معاني ومرادات النص القرآني، فانه في ضوء هذا المنهج يكون النص القرآني المراد كشف معانيه منكشفاً ومفسراً بنص آخر من القرآن" (مقدمة الإمام الطباطبائي في تفسير القرآن).
فراحوا يتعاملون مع القرآن بمنهج أوسع: يجمع بين أسباب النزول، والأحاديث، والمرويات، بالإضافة إلى الآيات التي تشترك مع بعضها في ذات المعنى بغض النظر عن اختلاف الموضوع والسياق، واعتمدوا أدواة اللغة من مجاز وتشبيه وكناية، في محاولة للجمع بين منهج النقل ومنهج العقل.

والفرق بين منهج فقهاء الشيعة وفقهاء أهل السنة والجماعة، يكمن في أن الفريق الشيعي يقول باستحالة الاكتفاء بالمأثور من المرويات والأحاديث وأدوات اللغة، بل وضرورة اعتماد مبدأ تفسير القرآن بالقرآن لمعرفة مدى تطابق المرويات والأحاديث مع الحقائق القرآنية من جهة، وإعمال العقل ليس في ترجيح معنى على آخر كما كان يفعل المفسرون السنة، بل في تقعيد المعنى والتأصيل له، مع وجوب مراعات مستويات الفهم بين ما يعطيه ظاهر النص من معنى يفيد الناس كزاد للمعاد، وبين ما يكمن في باطنه من حقيقة لا يدركها إلا  الخاصة وخاصة الخاصة من كبار الأئمة باعتبارهم أولياء الله وورثة سر النبوة، يقودون قومهم نحو الهدى، لقوله تعالى لرسوله الكريم: (إنما أنت منذر ولكل أمة هاد) الرعد: ٧. وعلى هذا تقوم نظرية الإمامة عند الشيعة. وهو ذات المعنى الذي يقول به الصوفية، حيث يعتبرون أن فضل الولي لا ينتهي كما ينتهي دور الرسول والنبي، وفي ذلك فضل من الله على الناس، لأن دور الرسول المنذر والمبشر ينتهي بتبليغ الرسالة، ودور النبي المخبر عن الله بأنباء الغيب ينتهي بانتهاء عهده بين قومه. أما الولي، وإن كان يتبع النبي والرسول، فدوره في هداية الناس لا ينتهي إلى قيام الساعة.

لقد حاولت هذه المقاربة التي تبناها علماء شيعة الجمع بين منهاجين، منهج النقل ومنهج العقل كما أسلفنا، لكنها ظلت مقاربة ناقصة لم تكتمل على شكل منهج جامع ينتهي بتوحيد القراءة، لتكون النتيجة منظومة مفاهيمية ومعرفية كاملة وموحدة، تجمع عليها الأمة بمختلف مذاهبها ومدارسها وتياراتها الفكرية، والسبب عندهم يكمن في الاعتقاد أن بعض المعاني من الآيات المحكمات خص بها الله تعالى كبار الأئمة من آل البيت (بمعنى بيت العلم النبوي الذي وضع أسسه الفلسفية الإمام علي عليه السلام، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم أنا مدينة العلم وعلي بابها)، الذين يستطيعون وحدهم فهم المراد بها دون بقية العباد، بسبب اختلاف مستويات الفهم لدى الناس ووجوب التفريق بين الظاهر والباطن كما سبق القول، لأن القرآن نفسه يفرق بين من يعلمون والذين لا يعلمون، وبين الراسخين في العلم وغيرهم من العلماء. وهو ما جعل السلفيين يتهمونهم بالتقية والباطنية، وهي التهم التي كانت توجه عادة للصوفية، لدرجة أن الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي بالرغم من أنه لم يكن شيعيا، وسبق وأن أعلن صراحة أن عقيدته هي عقيدة المسلمين الأشاعرة، إلا أن من يطّلع على تراثه لا يسعه إلا أن يجزم بأنه سني المذهب، أشعري العقيدة، شيعي الهوى، بالإضافة لإيمانه بالحقيقة الموسوية والعيسوية والمحمدية، وهو ما يظهر جليا في قصيدة "ترجمان الأشواق".. وهذا هو الفرق بين عالمية الإسلام باعتباره دين الله للعالمين، وبين إسلام الجماعة حين تسجنه طائفة في معتقل المذهب. هكذا بدأ زرع بذور ثقافة  الإقصاء والإلغاء وتكفير التفكير في التاريخي الإسلامي.

ومن المؤسف أن الفقهاء المسلمين لم يستعينوا بما وصلت إليه المعارف الصوفية في هذا الباب، حيث نجد مثلا عديد العلماء في الغرب كرسوا عشرات السنين من عمرهم لدراسة هذا الفكر لما وصل إليه من مراتب السمو في العرفان الديني، ولا نجد من المسلمين من اهتم به إلا النزر القليل جدا.

نقول هذا، لأن تصور ابن عربي مثلا للنص الديني، يعتبر بمثابة تصور للوجود المتجلي من خلال اللغة البشرية، وهو بالتالي وكما يؤكد الخطاب القرآني نفسه، يتكون من ظاهر وباطن وحد ومطلع، وهي مراتب ومستويات تتماثل مع الوجود ومراتبه، وبناءا على هذا الفهم، لا يمكن فصل تأويل الوجود عن تأويل النص بهدف النفاذ إلى مستوياته المتعددة التي لا يفهما إلا العارف بالله الذي تحقق بباطن الوجود بعد تجاوز ظاهره الذي تمثله الشريعة.

ومرد ذلك، يعود لكون الحقيقة الصوفية لا معنى ولا مصداق لها بمفردات اللغة البشرية التي اعتمدها الفقهاء كأداة في التفسير، لأنها لغة قاصرة وعاجزة عن التعبير عن الحقيقة الدينية والوجودية بالدقة والوضوح المطلوبين، كما وأن لا صور وجودية أو عقلية ظاهرة لها يستطيع الفلاسفة إدراكها بالمنطق العقلي الذي يشتغلون عليه لأنه منطق محدود يعتمد على الحواس ويشتغل على الظاهر من الموجودات. وهو ما يؤكد أن للحقيقة وجوه متعددة تعبر عنها الإشارات الصامتة الواردة في الآيات على شكل علامات دالة يهتدي بها من يستطيع فهم معانيها الظاهرة والباطنة معا.

وخلاصة القول، أنه إذا كان المعنى عند المناطقة شرط من شروط الحقيقة، وإذا كان عند الفلاسفة هو عين الحقيقة بالنسبة لقائلها بالمفهوم النسبي، فانه عند الصوفية إيحاء وتجلي، لا يمكن بلوغه إلا إذا استعمل المجاز الذي يقتضي أخذ الكلام على غير ظاهر المعنى اللغوي الذي يعطيه، فيتم تأويله، وتأويله لا يتم وفق مدلول معين أو مصداق متوهم، بل وفق الحقيقة نفسها التي يجب مشاهدتها وإدراكها والإحساس بها بعد الوصول إليها وتذوق طعم حلاوتها، لأن الحقيقة عند الصوفي لا تستنبط بالعقل، بل تعاش وتكابد بالتجربة (المعراج)، وهو ما يعني أن الحقيقة تصبح عنده شرط من شروط المعنى، ومفاد ذلك، أنه لكي نفهم المعنى علينا بلوغ الحقيقة، والحقيقة لا يبلغها إلا المقربون الذين يفتح الله تعالى عليه بالفهم، وهو ما أكده الإمام علي عليه السلام بقوله حول معضلة فهم القرآن الكريم (إلا عبدا فتح الله عليه بالفهم).

وهكذا، فلا حقيقة دون معنى لفظي عند المناطقة، ولا معني دون برهان عقلي عند الفلاسفة، في حين أن لا وجود لمعنى دون حقيقة يقينية مشاهدة ومجربة بالوجادن الروحي عند الصوفية. فلكل حقيقته، ولكل طريقته في الوصول إليها.

لكن ما يهمنا هنا بالدرجة الأولي هو الإسلام المجتمعي لا إسلام النخبة، أي الحقيقة التي يجب أن يعرفها عامة المسلمين، وهو المستوى الأول للتعلم الذي من شأنه إخراج الناس من معتقل السلطة السياسية والدينية وتحويلهم من رعايا سلبيين مفعول بهم إلى مواطنين فاعلين ومنتجين، ومن أرضية هذا المستوى التأهيلي الأول، يستطيع الإنسان أن يحلق بجناحيه كطائر حر في الفضاء اللامتناهي لعوالم المعاني، في مغامرة معرفية ينتقل خلالها من مستوى أدنى إلى مستوى أعلى حيث الحقيقة لا تشاهد في عالم الصور والرسوم كما يراها المبتدأ، بل في المعادلات العلمية المعقدة التي يرى من خلالها الباحث الحقائق الكونية بصورة مغايرة للمعهود. وهذا مثال فقط لتوضيح الفرق بين مستويات المعرفة والقدرة على إدراك الحقيقة بأبعادها المختلفة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق