بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 أكتوبر 2018

مفهـــوم الإســـلام (2/1)


الإسلام بين التراث والقرآن 


من الإشكاليات التي لا تزال مطروحة على الفكر الإسلامي برغم مرور أكثر من 14 قرنا على نزول الوحي، إشكالية تعريف الإسلام وشروطه وأركانه بين التراث والقرآن، وهي الإشكالية التي نجم عنها سوء فهم كبير للدين والدنيا معا لا يزال العقل الجمعي للأمة يعاني منه إلى يوم الناس هذا، بسبب تمسك المنظومة الفقهية العتيقة في الوطن العربي بما استقر في أذهان الجهال من أفهام موروثة ميت عن ميت، ورفض أي مغامرة معرفية في هذا الباب مخافة أن تحرر الحقيقة الناس مما هم فيه من جهل وعبودية سياسية وإرهاب فكري، فينهدم المسرح على الإقطاع، ويفقد حراس العقيدة تجارتهم المربحة باسم سنة ابتدعوها وحوّلوها إلى كهنوت، على شاكلة ما حصل مع الكنيسة في عصور الظلام... / ...

 

تمهيــــــد

يقول الصادق النيهوم في الفصل السابع من كتابه (الإسلام في الأسر) تحت عنوان (قواعد الإسلام ليست خمسا) ما نصه: " إحدى الثغرات الواسعة جدا في تعاليم الفقه الاسلامي، تتمثل في إصرار الفقهاء على أن قواعد الإسلام خمس، ليس بينها قاعدة واحدة لها علاقة بشؤون الحكم. فإذا شهد المواطن بأن لا إله إلا الله، وصلى، وصام، وأخرج الزكاة، وذهب إلى الحج، يصبح مواطنا مسلما، مستوفيا لجميع شروط الفقهاء، بغض النظر، عما يحدث له، وبغض النظر عما سيحدث لعياله".

ومن هذه المقدمة يخلص الكاتب إلى القول: إن "نظرية القواعد الخمس، لا تستند إلى نص القرآن، بل إلى حديث رواه صحابي يُدعى أبو هريرة، وقد أتيح لهذه القواعد سبيل التطبيق العملي طوال أربعة عشر قرنا حتى الآن، قضاها بلايين المسلمين، يصلون، ويصومون، ويزكون، ويحجون، محاذرين أن تنهدم قاعدة واحدة من قواعد الإسلام، لكن حصيلة هذه التجربة التاريخية الطويلة لا تقول تاريخيا سوي أن الإسلام نفسه قد انهدم منذ عصر بني أمية، وأن المواطن المسلم قد عاش مسلما –  كما عاش المواطن الفرعوني فرعونيا –  في ظل أسرة إقطاعية مسلحة، تبدد ثروته على أمراء العسكر، وتحرمه من الضمان الاجتماعي، وتقطع يده إذا سرق،  وتقطع رأسه إذا تكلم".  (الإسلام في الأسر - ص:51).

سوف لن نخوض هنا فيما أشار إليه الكاتب من نتائج كارثية انعكست على مختلف مناحي حياة المواطن المسلم على امتداد تاريخ وجغرافية العالم العربي والاسلامي، بسبب ما عرف تاريخيا بتحالف الفقهاء مع الإقطاع، وما أنتجه هذا النوع من تقاطع المصالح من إيديولوجيات مغلقة منذ أن بدأ الصراع على السلطة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد مكنت هذه الاستراتيجية الانتهازية الفعالة من إضفاء الشرعية الدينية على أنظمة الحكم التيوقراطية الاستبدادية من خلال السيطرة على عقول الناس ومصائرهم، تحت ذريعة: "حماية الملة والدين " أو " الذود عن إيمان الجهال" بتعبير القاضي الفقيه ابن حجر الحيثمي والفقيه الأنباري. لأننا نعتقد أن مثل هذه النتائج، هي من البديهيات التي يشهد لها واقع الأمة المزري اليوم، والذي لا يستطيع أحد إنكاره أو تجاهله. 

كما أن ما يهمنا هنا بالأساس، ليس الدفاع عن هذا الإسلام أو ذاك بعد أن أصبح لكل نظام إسلامه الذي يتوافق مع هواه ويخدم مصالحه وأهدافه، وأضحينا نتكلم عن إسلام أفغاني، وإسلام اندونيسي، وإسلام سعودي، وإسلام إيراني، وإسلام تركي، وإسلام مصري، وإسلام مغاربي، بل وإسلام أوروبي وآخر أمريكي وهكذا... أي أنه لدينا اليوم عدة نماذج من الإسلام، تختلف بتعدد الأقطار واختلاف طبيعة أنظمة الحكم فيها. فالكل يسعى إلى السيطرة على الإسلام وفق الصورة التي يرسمها له، غايته تدجين الناس لاستغلالهم كحطب في حروبه العبثية، ولم يعد أحد مهتم بتأصيل المفاهيم الدينية من كتاب الله العزيز ما دام الدين تحوّل ومنذ زمن بعيد إلى مجرد سلاح يستخدم في السياسة والأمن بعد أن تم إفراغه من روحه الثورية وأخلاقياته.

لكن ما يهمنا هنا بالأساس، هو إعادة قراءة الدين من جديد، لمحاولة تصحيح المفاهيم التي لدينا حول الإسلام من منطلق ما جاء في القرآن الكريم باعتباره كلام الله الحي الذي لا يموت، والقول الثابت التي لا يتغير ولا يتبدل، والمعيار المشترك للبحث عن الحقيقة، بدل التمسك بما علق في الأذهان من مفاهيم خاطئة مستوردة من ثقافة القبور لنقل ما قاله ميت عن ميت. لأن "العرب خاصة، ما فتؤو يقرؤون الدين من كتب الفقهاء بدل القرآن، ويفهمون العالم بآليات الماضي من خلال الأفكار المسبقة التي تكونت لديهم من التراث، ويعتقدون أن الإسلام هو دين عروبي، ويفسرون الدين من منطلق اللغة والتاريخ والثقافة التقليدية" كما يقول الدكتور إدريس الكتاني في كتابه (التفسير الإسلامي لسقوط العالم العربي)، في حين أن هذه الطائفة، لا تمثل أكثر من (20%) من عدد المسلمين في العالم بالمنطق الإحصائي.. وتدّعي مع ذلك، أحقية الاستحواذ على إنتاج المعني تحت إشراف السلطة السياسية واللاهوتية المتمثلة في المذاهب، ناسية أو متناسية أن الإنسان العربي، أصبح فاعلا حضاريا في التاريخ عندما تخلّى عن هويته القومية واستبدلها بهويته الإسلامية الكونية، فقطع بذلك مع ثقافة القبيلة الجاهلية، وانفتح على العالم، وأنتج من العلوم ما أضاء به ليل البشرية، فدانت له الدنيا.

يقول سبحانه: (ذلك بان الله نزّل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد) البقرة: 176. وهذا يعني أن أصل الخلاف والانقسام والتفرقة والخصومة والعداوة والنزاعات وكل المرادفات التي يعطيها معنا الشقاق، سببها الأساس الاختلاف حول المفاهيم الدينية بين ما ورد في كتاب الله وما ابتدعه فقهاء السلاطين من معاني بعيدة كل البعد عن الحقيقة والحق.

فحديث الأركان الخمس الذي قال به الفقهاء واعتقدت به الأمة طوال قرون مديدة من ممارستها للإسلام لا علاقة له بمفهوم الإسلام كما عرّفه تعالى في كتابه بدقة لا تحتمل أي لبس. ولا ينفع هنا القول، إن الحديث المذكور يعتبر صحيحا بمعيار السند المعتمد، ما دام مثل هذا القول يدحضه القرآن. وقس على ذلك عديد الأحاديث المنسوبة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والذي يستحيل دينا وعقلا أن يأتي المبلغ الأمين بما يخالف أو يناقض أو يتعارض من الحق الذي نزّله الله على قلبه. هذا علما أن الفقهاء أنفسهم سبق وأن وضعوا قاعدة شرعية في مجال التحري حول صدقية الأحاديث من عدمها، تقول بعدم حصر الحكم على صحة الأحاديث انطلاقا من السند فقط دون التأكد من أن المضمون يتوافق مع ما جاء به القرآن. خصوصا بعد اكتشاف الكم الهائل من الأحاديث التي دسّها بعض اليهود الذين دخلوا الإسلام وبعض المنافقين من فقهاء السلاطين، كل من جهته، لعلمهم أن "صحة السند" هي الشغل الشاغل الذي كان يهم المشتغلين على ما اصطلح على تسميته بـ "علم الحديث"، دون تكبد مشقة التأكد من موافقة مضمونه مع ما ورد في كتاب الله. ذلك أن الأخذ بهده القاعدة المنهجية لا يخدم في شيء مصلحة الإقطاع، ويشكل خطرا جسيما على وجوده، لأنه يعيد للإسلام روحه الثورية. وقد رأينا كيف أن المعارضات السياسية عبر التاريخ الإسلامي، كانت جميعها تستعمل سلاح الدين لنزع الشرعية عن السلطة التيوقراطية القائمة. وفي صراع من هذا النوع والطبيعة كانت الحقيقة أول ضحية دفعت الأمة ولا تزال ثمنها من حريتها وأمنها وكرامتها إلى يوم الناس هذا.

مفهوم الإسلام في التراث

بالبحث في الحديث الذي أشار إليه النيهوم، نجد أنه جاء في "صحيح" البخاري ما نصه: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان عن عكرمة بن خالد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان).

وفي حديث آخر مروي عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب جاء فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا " (رواه البخاري ومسلم).

والملاحظ أن الحديثان معا مرويان عن نفس المصدر، أي ابن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، رغم اختلاف الرواية وفرق ترتيب الأركان بين الأول والثاني، مما يجعلنا نعتقد أن الأمر في المحصلة يتعلق بنفس الحديث مع اختلاف في الصياغة. 

وفي تعريف آخر ورد في حديث أخرجه الستة إلا الترمذي، تحولت الأركان الخمس بقدرة قادر إلى ركنان فقط لا غير، بحيث أن كل من اكتفي بهما دخل الجنة، وهما "الصلاة " و "الزكاة". عن طلحة بن عبيد الله أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه سولم فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم: (خمس صلوات في اليوم والليلة. فقال: هل عليّ غيرهن؟  قال: لا إلا أن تطوّع وذكر له الزكاة فقال: عليّ غيرها؟  قال: لا إلا أن تطوّع. فأدبر وهو يقول: لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال عليه السلام: أفلح إن صدق. أو دخل الجنة إن صدق". وبذلك تم اختزال الإسلام في ركني الصلاة والزكاة.

وفي حديث آخر أخرجه النسائي عن معاوية بن حيدة، اختزلت الأركان في أربع فقط: الشهادة والصلاة والزكاة وحقن دم المسلم.  مع تبدل في منطوق الشهادة في الركن الأول، حيث تحول من "أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله" إلى "أسلمت وجهي لله وتخليت". قال معاوية بن حيدة يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم: "وإني سألتك بوجه الله تعالي بما بعثك الله فينا؟ قال بالإسلام. قلت: وما آيات الإسلام؟ قال: أن تقول أسلمت وجهي لله وتخليت وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة. كل مسلم على مسلم محرم أخوان نصيران لا يقبل من مشرك بعدما أسلم عمل أو يفارق المشركين إلى المسلمين". وهذا تعريف آخر للإسلام أسقطت منه الشهادة واستبدلت بـ (أسلمت وجهي لله وتخلّيت) وأضيف إليه حقن دم المسلم، ولم يذكر فيه ركن الحج.

وفسّر الرسول في حديث آخر الإسلام بأنه عين الإيمان، كما في مسند الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة حيث قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، ما الإسلام؟  قال: (أن تسلم قلبك لله، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك.  قال: أي الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان.  قال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت.  قال: فأي الإيمان أفضل؟ قال: الهجرة.  قال فما الهجرة؟  قال: أن تهجر السوء، قال فأي الهجرة أفضل؟  قال: الجهاد). وواضح أن هذا التعريف يختلف جملة وتفصيلا عما سبق معنا من تعاريف، اختلط فيه الإسلام بالإيمان، ولم تُذكر فيه الأركان السابقة المتعارف عليها، واستبدلت بتسليم القلب لله وحفظ اللسان وهجرة السوء والجهاد. هذا علما أن القرآن يفرق بدقة بين الإسلام والإيمان لقوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان قلوبكم) الحجرات: 14. وسؤال الرجل كان أولا عن الإسلام الذي أعطاه الرسول وفق الحديث تعريفا مغايرا للمعهود، ثم وفي سياق الاستفسار سأل الرجل عن أفضل الإسلام فأخبره الرسول أنه الإيمان، وذكر له أركانه لكن دون القضاء والقدر خيره وشره كما ورد في القرآن حول تعريف الإيمان.

ولتبرير الاختلافات الواضحة بين هذه التعريفات وغيرها مما يزخر به الثرات، عمد بعض الفقهاء إلى حل تلفيقي مفاده، أن الرسول صلى الله عليه وسلم عرّف الإسلام تعريفات كثيرة، لم يفهم الكثير من الناس مقصوده منها، لأنه كان أحيانا يُعرّف الكل بالجزء تبيانا لأهمية الجزء كقوله مثلا: "الحج عرفات". غير أن مثل هذا النوع من المنطق التبريري، لا يحل المعضلة، بل يعمقها أكثر، ويدفعنا للتساؤل إن كانت "الصلاة" و "الزكاة" في حديث طلحة بن عبيد الله هما جوهر الإسلام قياسا بعرفات بالنسبة للحج، أم انه لاكتمال الجوهر، يجب الأخذ بالأركان الواردة في حديث معاوية بن حيدة؟.

وبالنسبة للأحاديث المروية في موضوع تعريف الإسلام، فان السؤال الذي يطرح نفسه هنا من حيث الجوهر هو:

-      كيف يمكننا أن نعطي للإسلام تعريفا محددا لا يُختلف في شأنه بين المسلمين؟     

لقد تفطن اليوم بعض الباحثين الإسلاميين بما فيهم قلة من المحسوبين على التيارات السلفية والأصولية، إلى أن "صحيح البخاري" ليس بكتاب مقدس، وأنه يحتوي على أحاديث ضعيفة ليست أصيلة مقارنة بالقرآن. والأمر لا يقتصر على هذا المصنف فحسب، بل طال كذلك "صحيح مسلم" الذي يضم بدوره بعض الأحاديث التي تخالف ما جاء في "صحيح البخاري". ومرد رفضهم لبعض الأحاديث الواردة في "الصحيحين" ،بغض النظر عن معايير السند، يعود لمخالفة منطوقها لنص القرآن الكريم، فصنفوها من قبيل الشاذ.

فالتسليم بدقة "الصحيحين" (البخاري ومسلم) في ضوء ما وصلت إليه البحوث اليوم في مجال علوم القرآن بصفة خاصة، يعتبر أسطورة ينبغي إعادة النظر فيها، لأن الكتابان يحتويان على أحاديث ضعيفة إلى جانب أحاديث صحيحة لا لبس فيها، كما أن "البخاري" و "مسلم" كلاهما بشر غير معصوم من الخطأ. هذا بالإضافة إلى أن مصنّفيهما الشهيرين، لم يخرجا للوجود إلا بعد أن ظهرت المذاهب الفقهية الأربعة، ما يعنى أنهما لم يكونا أبدا مصدرا من مصادر التشريع الإسلامي كما قد يعتقد البعض خطأ.

وحيث أن بعض ما ورد في هذين المصنفين لا يتوافق مع مصدر التشريع الأول الذي هو القرآن، فان مقتضيات العقل والمنطق في مثل هذه الحالات، ترغمنا على الاستنجاد بالقرآن، أي بالنص المقدس الذي نؤمن كمسلمين، أنه كلام الله الجامع لكل الحقائق، وبيانه العام والمفصل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وخطابه المباشر لعباده بلسان عربي مبين، ليوضح لنا ما نحن فيه من لبس عظيم.  سواء تعلق الأمر بمعنى الإسلام، أو الإيمان، أو الإحسان، أو غيرها من المفاهيم التي تُأثث موروثنا الديني والثقافي معا.  وذلك من خلال منهجية تفسير القرآن بالقرآن، أي من داخله، دون اللجوء الي غيره من النصوص، باستثناء ما يتوافق معه من أحاديث نبوية من باب الاستئناس ليس إلا. 

مفهوم الإسلام في القرآن

لقد سبق وأوضحنا في موضوع "الحقيقة الدينية" المعنى القرآني لكلمة " دين"، وخلصنا إلى القول إنه بالنسبة إلى الله تعالى هناك فقط دينين لا غير: الدين الذي أنزله تعالى على أنبيائه ورسله منذ نوح إلى محمد مرورا بإبراهيم وبقية الأنبياء والرسل ممن نعلم ولا نعلم، عليهم صلاة الله وسلامه جميعا من جهة، ودين من يعبد غير الله من جهة أخري، أي دين المشركين الذين يعتقدون أنهم يعبدون إلها غير الله لا وجود له إلا في مُخيّلتهم.  ولعل سورة (الكافرون) تلخص هذه الحقيقة البديهية بكثير من الدقة والوضوح لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن كفر برسالة ربه (لكم دينكم ولي دين). وبذلك يكون من الخطأ الحديث عن أديان سابقة على رسالة محمد كاليهودية والنصرانية وغيرها.. لأن مثل هذا الحديث يدخلنا في جدلية العبث، حيث يفترض ضمنيا أن الله سبحانه، خالق الخلق والذي هو في السماء إله وفي الأرض إله، لم يكن ضابطا لأمور دينه، فكان يبعث في كل مرة إلى عباده رسولا جديدا بدين جديد، يلغي ما سبقه من دين ويستبدله بدين آخر، وهو الذي لا يتبدل القول لديه كما يؤكد في قرآنه لقوله تعالى: (ما يبدّل القول لديّ وما أنا بظلام للعبيد) ق: 29. إن مثل هذا الافتراء، لا يليق بجلاله تعالى الله عما يصف الجاهلون. 

لقد أوضح الله في كتابه العزيز نوع الدين الذي ارتضاه لعباده كافة منذ أن بدأ الإنسان رحلته المعرفية على الأرض في شخص آدم وذريته وصولا إلى نوح عليهم السلام، ثم بدأ طور جديد مع أب الأنبياء والرسل إبراهيم عليه السلام، وكل المبعوثين من بعده إلى خاتم الأنبياء والرسل محمد صلوات الله عليهم وسلامه جميعا. وهو نفس الدين الذي لدينا اليوم دون تغيير. هذا الدين سماه صاحبه الإسلام، وذكره تعالى مُعرّفا في ستة آيات من أربع سور، جاءت جميعها في أوائل الترتيب وفق المصحف العثماني (البقرة – آل عمران – النساء - المائدة). وبيان ذلك كالتالي:

1.  سورة البقرة - آية 132 (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ  فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

في الآية الأولي يعلن الله تعالى، أن الدين الذي اصطفاه لعباده هو الإسلام، وهو نفس الدين  الذي وصّي إبراهيم بنيه إسحاق وإسماعيل وحفيده يعقوب بإتباعه من بعده. أي أن كلمة إسلام جاءت لتُوضح بشكل دقيق لا يحتمل أي لبس أو تأويل، نوع الدين الذي شرّعه الله لخلقه.  وبذلك يكون كل الأنبياء والرسل والأمم التي جاءت قبل أو بعد أبو الأنبياء والرسل وصاحب العهد الإلهي، خليل الله إبراهيم عليه السلام، تدين بدين الإسلام.  بما في ذلك نوح من قبل و بنو إسرائيل من بعد، بشهادة الله نفسه، حيث ذكر تعالى على لسان نوح عليه السلام قوله: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يونس: 72. وعلى لسان إبراهيم وإسماعيل (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة: 128. وفي وصية يعقوب لولده: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ  فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) البقرة: 132. وعن يوسف عليه السلام: (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) يوسف: 101. وفي عهد سليمان عليه السلام، اعترفت ملكة سبأ بظلمها لنفسها وأعلنت إسلامها لله الواحد الأحد: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) النمل: 44.  وعن موسى عليه السلام: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ) يونس: 84. بل حتى سحرة فرعون عندما آمنوا بإله موسى قالوا: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) الأعراف: 126.  وأشهد الحواريون عيسى على إسلامهم بقولهم: (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) آل عمران 52.

وفي الأثر حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الأنبياء إخوة أبناء علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد) أخرجه الشيخان وأبو داود. وبالتالي، فكيف يعقل إذن أن نجد بيننا من يقرأ القرآن ويزعم أنه يتأسى بسنة النبي ويتكلم عن أديان عديدة مختلفة، برغم هذا الكم الهائل من الآيات الكريمة التي تشير إلى حقيقة حاسمة تقول أن الدين عند الله هو واحد بالنسبة لجميع خلقه من دون استثناء، عرّفه الله لنا باسم الإسلام.. وكيف نسمح لأنفسنا بالقول أن الإسلام هو دين محمد صلى الله عليه وسلم وما سواه أديان أخري مختلفة، ومحمد نفسه يقول أن كل الأنبياء ينتمون إلى دين واحد هو الإسلام؟.

وبالمناسبة، ليس إبراهيم عليه السلام هو من سمّانا (المسلمين) كما يُروّج لذلك عديد الفقهاء، لأن الضمير (هو) في الآية (هو سمّاكم المسلمين من قبل وفي هذا) الحج: 78، يعود على الله تعالى وليس على إبراهيم عليه السلام كما فهم الفقهاء خطأ، لقوله تعالى في سياق نفس الآية (جاهدوا في الله... هو اجتباكم – أي الله - وما جعل عليكم في الدين من حرج – أي الله - هو سمّاكم المسلمين – أي الله). 

كما أنه من الناحية المنطقية البحتة، لا يعقل أن يكون إبراهيم عليه السلام هو من سمّى نوح (مسلما) لقول هذا الأخير: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يونس: 72. علما أن نوح سابق له في العهد، ولأن الأمر في الآية (أُمِرْتُ)، وفق الضمة الظاهرة في آخره ضمير يعود على الله تعالى كما هو واضح من السياق والتركيب معا. كما  يستحيل كذلك، أن يكون إبراهيم الذي لا يعلم الغيب بدليل قوله تعالى (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) الجن: 26، ولم يسبق له أن اطلع على القرآن، هو من أطلق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم اسم "المسلمين"، لقوله تعالى في نفس الآية السابقة (وفي هذا) إشارة إلى القرآن الكريم. ولذلك وجب التوضيح من باب ضرورة تصحيح مثل هذا الفهم الخاطئ الذي لدينا من التراث عن أصل التسمية كما يعتقد الكثيرون.  والمفارقة أن محيي الدين ابن عربي هو بدوره وقع في نفس الخطأ، الشيء الذي يؤكد أن بعض مقولاته على الأقل، لا يمكن أن يكون مصدرها الإشراق العرفاني كما يبدو، بل الاجتهاد الفقهي الشخصي الذي قد يصيب وقد يخطئ.

2.  سورة آل عمران - آية 19 (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).

أما في الآية الثانية، فيؤكد سبحانه على التوالي، أن الدين عنده بالنسبة للناس كافة هو الإسلام، وأن اختلاف أهل الكتاب من يهود ونصارى حوله، لم يكن بسبب قصور في الفهم أو نقص في المعلومات، بل نتيجة بغي بينهم، خصوصا بعد أن جاءتهم الرسل بالشرع المبين. وفي كتبهم ترد كثيرا كلمة (شالوم) بمعني (سلام)، وهو تحوير متعمد في ترجمة كلمة "إسلام" الأصلية من الآرامية إلى اليونانية، حيث كانت السين تقرأ شينا من قبل.

3.  سورة آل عمران – آية 83 (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون).

بعد الإعلان الواضح في الآية الأولى والتأكيد الصريح في الآية الثانية، يستنكر الله تعالى بشدة في الآية الثالثة، على كل من ابتغي غير دين الله، وهو الذي أسلم له كل من في السماوات والأرض طوعا وكرها، حيث لا يعبد إلا هو دون سواه. وهذا هو المعني الحقيقي لـ: (لا اله إلا الله).  ذلك أن من يعتقدون أنهم يعبدون آلهة غير الله، إنما يعبدون أسماء لا وجود لها أصلا، بدليل قوله تعالى: (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سمّيتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان) يوسف: 40.  بل حتى أولائك الذين يعبدون الأصنام، لا يعبدونها باعتبارها آلهة، إنما لاعتقادهم أنها تقربهم إلى الله زلفى كما يقول تعالى: (ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون) الزمر: 3. 

وبذلك يكون الله الواحد الأحد، هو المعبود على الحقيقة دون سواه، وحتى الإغريق الذين كانوا يعبدون من قبل عديد الآلهة كإله البحر وإله الحرب وإله الريح وإلهة الجمال، كانوا يعتقدون بوجود إله واحد يحكمهم جميعا، وهذه الآلهة كما يتضح من الفلسفة اليونانية كانت تمثل مستوى أسماء الألوهة الفاعلة كما نعرفها في الإسلام. وهذا هو معنى قوله تعالى: (طوعا أو كرها) الواردة في أواخر الآية الثالثة من سورة (آل عمران: 83). ومصداق هذا الكلام نجده في قوله تعالي: (ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) هود: 56. الأمر الذي جعل المتصوفة يؤكدون، أنه يستحيل أن يخرج أي مخلوق عن صراط الله المستقيم ما دام هو آخذ بناصيته، ولهذا السبب يقول ابن عربي: (ما في الكون إلا الصراط المستقيم) حتى لو بدت المسالك مختلفة والطرق متفرقة.. والصراط الذي يتكلم عنه ابن عربي، لا يتمثل بخط مستقيم بين نقطتين، بل بخط دائري محيط لا بداية له ولا نهاية. لأنه إذا كانت الطريق إلى الله بالنسبة للعامة لها نهاية تحين بالموت، فان الطريق في الله بالنسبة للصوفي بلا نهاية، باعتبارها سعي دائم وراء المعرفة والتنوير. وهذا هو المعني الدقيق لكلمة (حنيف) أي (أعوج) ومائل بقوة الجبر إلى الله تعالى، وليس مستقيم كما يعتقد البعض. وقد ورد نفس المعنى في الآية 26 من سورة الروم: (وله من في السماوات والأرض كل له قانتون) الروم: 26 والبقرة: 116. وهي إشارة إلى إحاطة ملكه بجميع المخلوقات في السماوات والأرض. أي أن الكل مطوق ومحاصر من جميع الجهات. وبتعبير آخر: (لا هروب من الله إلا إليه). فلا أحد يمتلك من الحرية ما يعفيه من أمر الله، أو من الاستقلالية ما يحميه من قضائه، أو من الإرادة ما يغنيه عن قدره.  فالله باعتباره الخالق والمالك المطلق، يفعل في ملكه ما يريد، ويقضي في خلقه ما يشاء.  وقد أكد ذلك بقوله: (كل له قانتون)، فـ "الكل" هنا تشمل الجميع بالمطلق من دون استثناء.  أما "القنوت" فتفيد الطاعة مع الخضوع بحكم الأمر التكويني في أصل الخلق: (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) الذاريات: 56. ومن كانت له ذرة شك في هذا، فلينزع الأقفال عن قلبه وليتدبر الآية التالية: (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال) الرعد: 13. رفعت الأقلام وجفت الصحف، وكل شرح في هذا المضمار، لن يوضح الأمور بنفس العمق الذي بيّنه تعالي بإشارته إلى سجود "الظلال" لله طوعا وكرها، أي بالمعني الحقيقي للسجود لا المجازي. 

4.  سورة آل عمران - آية 85 (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

ويحذر سبحانه في الآية الرابعة، كل من يعتنق غير الإسلام دينا بأنه لن يقبل منه، وسيكون في الآخرة من الخاسرين. وواضح من الآية الكريمة أن لا وجود لدين آخر غير الإسلام سوي الكفر بمفهوم الشرك كما أسلفنا، والمبني على الاعتقاد بوجود اله آخر مع الله أو من خارجه، له وجود مستقل عنه. وبهذا المعني لا يمكن أن يكون الإسلام كما يعتقد بعض المفسرين الذين يأخذون بالنظرة التجزيئية انطلاقا من الظاهر الذي يعطيه معنى الآية هو فقط الدين الذي جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فمثل هذا القول يمثل حيزا ضيقا في الرؤية وقصورا فظيعا في الفهم، لعدم وضع الآيات المراد تفسيرها في سياقها العام، مع التجرد من الأحكام المسبّقة المستمدة من التراث، والأوهام الخاصة العالقة بالأذهان والتي هي بالمحصلة، نتيجة طبيعية لثقافة النقل ميت عن ميت من دون استعمال أدوات العقل، والالتزام بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول (إن القرآن يفسر بعضه بعضا) أي النظرة الشمولية للموضوع. 


5.  سورة النساء - آية 125 (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً).

وفي الآية الخامسة، يتساءل الله من باب المفاضلة بين الدينين، والترغيب في الإيمان على الكفر، مؤكدا سبحانه، أن من اعتنق الإسلام كدين، موجها وجهه لله الواحد الأحد، بالعبادة والعمل الصالح الذي يرقى إلى درجة الإحسان، مُتّبعا في ذلك ملة إبراهيم التي آمنت بربها ونبذت الشرك كاعتقاد.. فقد اعتنق أحسن دين شرعه الله لعباده، وهو دين التوحيد، أي الإسلام.

6.  سورة المائدة  – آية 3 (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا).

أما في الآية السادسة، فيخبر الله تعالى أنه بتمام نزول القرآن، يكون قد اكتمل هذا الدين الذي ارتضاه لعباده كافة، وسماه إسلاما. وبذلك تمت نعمة الله على العالمين، وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لم يأتي لقومه بدين جديد، بل بعثه الله بنفس دين التوحيد ليكمّله بمكارم الأخلاق، وهي ذات الحقيقة التي أكدها صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع الشهيرة.

والسؤال هو: هل حقا فهم الأوائل الإسلام أحسن مما نفهمه نحن اليوم؟.. وهل المطلوب اتباع  سنة السلف الذي لم يكن كله صالحا إلا من رحم الله، أم اتباع ما أمر الله به في كتابه الحكيم؟.. الجواب يعرفه الجميع.

هذه هي كل الآيات التي وردت في موضوع الدين المرتبط بالإسلام من وجهة نظر القرآن. وواضح إذا بالمحصلة أن الدين عند الله هو الإسلام، وأن كل الأنبياء والرسل والأمم السابقة لأمة محمد صعودا حتى نوح، مرورا بأمة عيسي وموسي وإبراهيم وغيرهم من الأمم، قد دعيت الى دين الإسلام، وأن القرآن لم يقل أن أهل الكتاب يعتنقون أديان  أخرى تسمي " اليهودية " أو "النصرانية " أو غيرها، وتختلف بالتالي عن ملة إبراهيم الحنيف.  كما لم يقل أن الإسلام كدين، هو اعتقاد خاص بالنبي محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من أمته. 


وواضح كذلك من خلال هذه الآيات، أن التدين في الأصل هو الاعتقاد في وجود اله خالق، وأن الإسلام يكون بالتالي هو الامتثال لأوامر هذا الإله الخالق ونواهيه. لكن ما ليس واضحا عند الكثير من الناس، هو أن الله لا يريد أعناق عبيد، إنما يريد قلوب عباد لهم كرامة - بتعبير الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله - وهو تكريم لم يحظى به غيرهم من الخلق بما في ذلك الملائكة بشهادة القرآن، وهذا هو جوهر دعوة تحرير الإنسان في الإسلام، من عبودية العباد المذلة، إلى رحاب رحمة الله الواسعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق